بين شيئين متوافقين أو أكثر وضدّيهما ، [وإذا شرط ههنا] أي فيما بين المتوافقين أو المتواقات أمر شرط ثمّة ، أي فيما بين ضدّيهما أو أضدادهما [ضدّه] أي ضدّ ذلك الأمر [كهاتين الآيتين ، فإنّه لمّا جعل التّيسير مشتركا بين الإعطاء والاتّقاء والتّصديق جعل ضدّه] أي ضدّ التّيسير وهو العسير المعبّر عنه بقوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى)(١) ، [مشتركا بين أضدادها] وهي (١) البخل والاستغناء والتّكذيب ، فعلى هذا لا يكون قوله : ما أحسن الدّين ، من المقابلة لأنّه اشترط في الدّين والدّنيا الاجتماع ، ولم يشترط في الكفر والإفلاس ضدّه. [ومنه] أي ومن المعنوي ، [مراعاة النّظير ، ويسمّي التّناسب والتّوفيق] والائتلاف والتّلفيق [أيضا (٢) وهي جمع أمر ما يناسبه لا (٣) بالتّضاد] والمناسبة بالتّضادّ أن يكون كلّ منهما مقابلا للآخر ، وبهذا القيد (٤) يخرج الطّباق ، وذلك (٥) قد يكون بالجمع بين أمرين [نحو : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ)(٢) (٦)] جمع بين أمرين ، ونحو [قوله :] في
________________________________________________________
(١) أي الأضداد البخل والاستغناء والتّكذيب ، فعلى هذا الّذي قاله السّكّاكي لا يكون بيت أبي دلامة من المقابلة ، لأنّه اشترط في الدّين والدّنيا الاجتماع ، ولم يشترط في الكفر والإفلاس ضدّه ، أي ضد الاجتماع وهو الافتراق.
(٢) ويعرّف وجه التسمية بكلّ واحد من هذه الأسماء بقوله : «وهي جمع أمر وما يناسبه».
(٣) يعني يحب أن لا تكون المناسبة بينهما بالتّضادّ ، بل بالتّوافق في الشّكل أو في ترتّب بعض على بعض ، أو في الإدراك أو في شيء ممّا يشبه من ذلك ، كما يظهر من الأمثلة الآتية.
(٤) أي بقوله : «لا بالتّضاد» يخرج الطّباق ، لأنّه كما مرّ هو الجمع بين متضادّين ، أي معنيين متقابلين في الجملة.
(٥) أي الجمع الّذي يسمّى بمراعاة النّظير «قد يكون بالجمع بين أمرين».
(٦) أي يجريان بحسبان معلوم المقدار في قطعهما للأبراج الاثني عشر المعروفة والدّرجات الفلكيّة لا يزيدان عليه ولا ينقصان ، (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ((٣)) ، فقد جمع بين أمرين وهما الشّمس والقمر ، ولا يخفى تناسبهما ، وقد يكون بالجمع بين ثلاثة أمور ، نحو قول البحتري : في الإبل ـ المهزولة كالقيسيّ المعطفات ، بل الاسم مبريّة ، بل الأوتار.
__________________
(١) سورة اللّيل : ١٠.
(٢) سورة الرّحمن : ٥.
(٣) سورة الأنعام : ٩٦.