[ومنه] أي ومن المعوي [المزاوجة] وهي أن يزاوج (١) أي يوقع المزاوجة على أنّ الفعل مسند إلى ضمير المصدر أو إلى الظّرف ، أعني قوله : [بين معنيين في الشّرط والجزاء] والمعنى يجعل معنيان واقعان في الشّرط والجزاء مزدوجين في أن يترتّب على كلّ منهما معنى رتّب على الآخر ، [كقوله (٢) : إذا ما نهى النّاهي (٣)] ، ومنعني عن
________________________________________________________
آمنّا للمسلمين ، فالمعنى أنّ المسلمين أمروا بأن يقولوا صبّغنا الله بالإيمان صبغة ، ولم نصبغ صبغتكم أيّها النّصارى» بالماء الأصفر ، ولم تكن صبغتكم بالماء تطهير لكم.
فالمتحصل :
أنّ النّصارى لمّا اقتضى فعلهم صبغا ، ونزلت الآية للرّدّ عليهم عبّر عن المراد ، أي عن الإيمان بالله والتّطهير عن رذيلة الكفر بالصّبغة للمشاكلة ، لوقوعه في صحبة ما يعبّر عنه بالصّبغ تقديرا ، فعبّر عن الإيمان بالله بصبغة الله للمشاكلة لوقوعه في صحبة صبغة النّصارى تقديرا بهذه القرينة الحاليّة الّتي هي سبب النّزول من غمس النّصارى أولادهم في الماء الأصفر الّذي من شأنه أن يصبغ الأولاد بالصّفرة ، وإن لم يذكر ذلك الصّبغ لفظا.
(١) بفتح الواو فعل مبنيّ للمفعول ، ويحتمل أن يكون بكسر الواو وعلى صيغة المبنيّ للفاعل ، وعليه يكون الفاعل هو النّاطق ، وعلى الأوّل يكون نائب الفاعل ضميرا يعود إلى المصدر المفهوم من الفعل والمعنى ، على أن يزاوج الزّواج ، إلى أن توقع المزاوجة ، ويحتمل على قول أن يكون النّائب عن الفاعل هو الظّرف ، وهو قوله : «بين معنيين» ، أي المزاوجة هو أن يقارن ويجمع بين معنيين واقعين «في الشّرط والجزاء» ، أي وقع أحد ذينك المعنيين المزاوج بينهما في مكان الشّرط بأن جيء به بعد أداته ، ووقع الآخر في موضع الجزاء ، بأن ربط مع الشّرط ، وسيق جوابا له ، ومعنى الزّواج في المعنيين الواقع أحدهما شرطا والآخر جزاء أن يجمع بينهما في بناء معنى من المعاني على كلّ منهما ، فقد ازدوجا ، أي اجتمع ذلك الشّرط ، وذلك الجزاء في ذلك المعنى ، ثمّ مثّل للمزاوجة فقال.
(٢) أي كقول البحتري.
(٣) أي إذا نهاني النّاهي عن حبّها ، وزجرني الزّاجر عن التّوغل في ودّها.