[ومنه] أي ومن المعنوي [العكس] والتبديل [وهو أن يقدّم جزء من الكلام] على جزء آخر [ثمّ يؤخّر] ذلك المقدّم عن الجزء المؤخّر أوّلا (١).
والعبارة الصّريحة ما ذكره بعضهم ، وهو أن تقدّم في الكلام جزء ثمّ تعكس فتقدّم ما أخّرت وتؤخّر ما قدّمت ، وظاهر عبارة المصنّف صادق على نحو : عادات السّادات أشرف العادات (٢) وليس من العكس.
[ويقع] العكس [على وجوه : منها أن يقع بين أحد طرفي جملة وما أضيف إليه ذلك الطّرف نحو : عادات السّادات سادات العادات] فالعادات أحد طرفي الكلام ، والسّادات مضاف إليه ذلك الطّرف ، وقد وقع العكس (٣) بينهما بأن قدّم أوّلا العادات على السّادات ، ثمّ السّادات على العادات.
________________________________________________________
(١) مثل كلّ إنسان ناطق وكلّ ناطق إنسان في العكس اللّغوي ، وكلّ إنسان ناطق وبعض النّاطق إنسان في العكس المنطقي ، فيتكرّر الجزءان الواقع فيهما العكس والتبديل بالتّقديم والتّأخير ، كما في المثال المذكور.
(٢) إذ ليس في كلام المصنّف أنّ المقدّم صار مؤخّرا ثانيا ، فلا يقتضي تكرار الجزئين ، وليس في كلامه أنّ المقدّم منهما قد أخّر ، والمؤخّر قدّم فيصدق على نحو : عادات السّادات أشرف العادات ، لأنّ الجزاء في الكلام الّذي هو العادات قدّم أوّلا على السّادات ، ثمّ أخر ثانيا عنه من غير إعادة لفظ السّادات ، وهذا الكلام ليس من العكس بشيء بل هو من ردّ العجز على الصّدر وهو من البديع اللّفظي كما يأتي.
والحاصل أنّك إذا قدّمت جزءا من الكلام على جزء آخر ، ثمّ عكست فقدّمت ما أخّرت ما قدّمت كان هذا عكسا وتبديلا ، ويستلزم تكرار الجزئين الواقع منهما العكس.
وأمّا إن قدّمت جزءا من الكلام على جزء آخر ، ثمّ أخّرت المقدّم عن غير المؤخّر كان هذا ردّ العجز على الصّدر ، وهو لا يقتضي تكرار الجزئين معا. وظاهر عبارة المصنّف صادق على هذا مع أنّه ليس من العكس بشيء.
(٣) يعني قد وقع العكس بين العادات ، وهو أحد طرفي الكلام وبين السّادات وهو الّذي أضيف إليه العادات ، ومعنى وقوع العكس بينهما أنّه قدّم العادات ، وجعل مبتدأ ، ثمّ عكس ، فقدّم السّادات على العادات ، وجعل خبر ، فظهر أنّ العكس إنّما وقع بين المضاف والمضاف