والثّاني] : أي التّقسيم ثمّ الجمع [كقوله (١) : قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا] أي طلبوا [النّفع في أشياعهم] أي اتباعهم وأنصارهم [نفعوا* سجيّة] أي غريزة وخلق [تلك (٢)] الخصلة [منهم غير محدثة أنّ الخلائق] جمع خليقة ، وهي الطّبيعة والخلق [فاعلم شرها البدع] جمع بدعة ، وهي المبتدعات المحدثات ، قسّم في الأوّل صفة الممدحين إلى ضرّ الأعداء ونفع الأولياء ، ثمّ جمعها في الثّاني تحت كونها سجيّة. [ومنه] أي ومن المعنوي ، [الجمع مع التّفريق والتّقسيم] ، وتفسيره ظاهر مما يسبق فلم يتعرض له [كقوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتِ)(١) (٣)] يعني يأتي الله أي أمره ، أو يأتي اليوم
________________________________________________________
(١) أي كقول حسّان بن ثابت في مدح الأنصار :
سجيّة تلك منهم غير محدثة |
|
بأنّ الخلائق فاعلم شرّها البدع |
والشّاهد في أنّه قسّم في البيت الأوّل صفة الممدوحين إلى ضدّ الأعداء ونفع الأولياء ثمّ جمعها في البيت الثّاني في كونها سجيّة ، حيث قال : سجيّة تلك منهم غير محدثة.
(٢) خبر مقدّم ، «تلك» مبتدأ مؤخّر «منهم» صفة لسجيّة ، وكذا قوله «غير محدثة» فقد فصل بين الصّفة والموصوف بالمبتدأ ، والمعنى أن تلك الخصيلة أعني إضرار الأعداء ونفع الاتباع عزيزة فيهم وطبيعة لهم «أنّ الخلائق» جمع خليقة ، وهي الطّبيعة والخلق بضمّتين ، «فاعلم» جملة اعتراضيه للتّنبيه وطلب الإصغاء والفهم والجملة خبر أنّ الخلائق ، وأنّ مع الاسم والخبر جملة مستأنفة جوابا لسؤال مخاطب ، فالمخاطب به كلّ من يصلح للخطاب ، و «البدع» جمع بدعة ، وهي في اصطلاح الفقهاء الحدث في الدّين بعد استكمال الدّين ، والمراد منها في قول الشّاعر هو مستحدثات الأخلاق لا ما كالغرائز.
فإن قلت : كون الصّفة في الإنسان بدعة ، أي حادثا ينافي كونها خلقا ، لأنّ الخلق هي الغريزة والسّجيّة ، أي الطّبيعة ، وهي لازمة لا حادثة.
قلنا : الصّفة الحادثة في الإنسان قد تسمّى خلقا باعتبار دوامها بعد حدوثها ، فتكون الصّفة خلقا دواما وبدعة ابتداء.
(٣) الضّمير راجع إلى الله ، أو إلى اليوم ، يعني يأتي الله أي أمره ، أو يأتي اليوم هوله ،
__________________
(١) سورة هود : ١٠٦.