من أنّ هذا الوصف ، أعني غير حقيقي ليس بمفيد ههنا.
لأنّ الاعتبار لا يكون إلا غير حقيقي فغلط ، ومنشؤه ما سمع أنّ أرباب المعقول يطلقون الاعتباري على ما يقابل الحقيقي ، ولو كان الأمر كما توهّم (١) لوجب أن يكون جميع اعتبارات العقل غير مطابق للواقع.
[وهو أربعة أضرب : لأن الصّفة] الّتي ادعى لها علّة مناسبة [إمّا ثابتة (٢) قصد بيان علّتها ، أو غير ثابتة أريد إثباتها ، والأولى (٣) إمّا أن لا يظهر لها في العادة علّة]
________________________________________________________
بقوله : «غير حقيقي» ، أي غير موجود في الخارج.
فاعترض ، ونحن نقول : المراد بالاعتبار هنا نظر العقل ، لا كون الشّيء اعتباريّا ، أي لا وجود له ، والمراد بالحقيقي ما طابق الواقع لا كون الشّيء موجودا في الخارج.
ولا شكّ أنّ ما نظر له العقل تارة يكون حقيقيّا ، أي مطابقا للواقع ، وتارة لا يكون حقيقيّا ، وحينئذ فقول المصنّف : «باعتبار لطيف» لا يغني عن قوله : «غير حقيقي».
(١) أي من أنّ الاعتباري لا يكون إلا غير حقيقي ، أي ما لا وجود له ، «لوجب أن يكون ...» ، واللّازم باطل كما عرفت ، فالملزوم أيضا باطل.
(٢) أي ثابتة في نفسها «قصد بيان علّتها» بحسب الادّعاء لا بحسب الواقع ، لأنّها كما تقدّم آنفا في صدر المبحث ليست علّة بحسب الواقع.
(٣) أي الثّابتة في نفسها قسمان لأنّها «إمّا أن لا يظهر لها في العادة علّة» أخرى غير الّتي أريد بيانها «وإن كانت» تلك الصّفة الثّابتة «لا تخلو من الواقع» وفي نفس الأمر «عن علّة» ، لأن كلّ حكم لا يخلو عن علّة في الواقع غاية الأمر أنّ العلّة الواقعيّة قد تظهر لنا ، وتارة تخفى لنا ، وذلك لما تقرّر في العلم الأعلى أنّ الشّيء لا يوجد إلا لحكمة وعلّة.