لَفَسَدَتا)(١)] ، أعني الاستدلال بانتفاء الثّاني على انتفاء الأوّل ، فيكون الانتطاق علّة كون نيّة الجوزاء خدمة الممدوح ، أي دليلا عليه ، وعلّة للعلم مع أنّه وصف غير ممكن.
[وألحق به] أي بحسن التّعليل [ما بني على الشّك (١)] ولم يجعل منه ، لأنّ فيه ادعاء وإصرارا ، والشّك ينافيه (٢).
[كقوله (٣) : كأنّ السّحاب الغرّ (٤)] جمع الأغرّ ، والمراد السّحاب الماطرة الغزيرة الماء [غيّبن تحتها] أي تحت الرّبا [حبيبا فما ترقا (٥)] الأصل ترقاء بالهمز ، فخفّفت ، أي ما تسكن [لهنّ (٦) مدامع] علّل على سبيل الشّك نزول المطر من السّحاب بأنّها
________________________________________________________
جعل الانتطاق دليلا لنيّة خدمة الجوزاء للمدوح ، فاستدلّ بوجود الانتطاق في الخارج على وجود نيّته الخدمة.
والحاصل
إنّ الشّاعر كأنّه ادّعى دعوة ، وهي أنّ الجوزاء قصدها خدمة للمدوح ، واستدلّ على ذلك بدليل ، وهو لم يكن قصدها الخدمة لما كانت منتطقة ، لكن كونها غير منتطقة باطل ، لمشاهدة انتطاقها ، فبطل المقدّم ، وهو لم يكن قصدها الخدمة ، فيثبت نقيضه ، وهو المطلوب كالآية المباركة ، حيث انتفاء الفساد فيها دليل على انتفاء تعدّد الآلهة.
(١) المراد به ما يشمل الظّنّ ، إنّما جعل من ملحقاته لا داخلا فيه ، لأنّ المعتبر في حسن التّعليل هو الادّعاء والإصرار في الدّعوى.
(٢) أي ينافي الادّعاء والإصرار.
(٣) أي قول أبي تمّام.
(٤) الغرّ ، جمع الأغرّ ، والمراد من السّحاب الغرّ ، هو السّحاب الماطرة.
(٥) مهموز اللّام ، بمعنى سكن يسكن.
(٦) أي للسّحاب «مدامع» ، جمع مدمع ، ونسبة السّيلان إلى المدامع كنسبة الجريان إلى النّهر.
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢٢.