وانتقم إذا عابه وكرهه ، وهو كالضّرب الأوّل في إفادة التّأكيد من وجهين (١) [والاستدراك] المفهوم من لفظ لكن (٢) [في هذا الباب (٣)] أي باب تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ [كالاستثناء (٤) كقوله :
هو البدر (٥) إلّا أنّه البحر زاخرا |
|
سوى أنّه الضّرغام لكنّه الوبل (٦) |
فقوله : إلّا وسوى استثناء ، مثل : بيد أنّي من قريش ، وقوله : لكنّه ، استدراك يفيد فائدة الاستثناء في هذا الضّرب ، لأنّ إلّا في الاستثناء المنقطع بمعنى لكن. [ومنه] أي ومن المعنوي : [تأكيد الذّم بما يشبه المدح (٧)] وهو ضربان : أحدهما (٨)
________________________________________________________
(١) وقد عرفت التّأكيد من وجهين فلا حاجة إلى الإعادة.
(٢) أي الدّال عليه لفظ لكن.
(٣) لم يقل : فيه ، لئلّا يتوهّم عود الضّمير إلى الضّرب الأخير خاصّة.
(٤) أي في إفادة المراد ، وهو تأكيد الشّيء بما يشبه نقيضه ، وحينئذ فيراد بالاستثناء المذكور في تعريف الضّربين ما يعمّ الاستدراك ، وإنّما كان الاستدراك كالاستثناء في هذا الباب ، لأنّهما من واد واحد ، إذ كلّ منهما لإخراج ما هو بصدد الدّخول وهما أو حقيقة ، فإنّك إذا قلت في الاستدراك : زيد شجاع لكنّه بخيل ، فهو لإخراج ما يتوهّم ثبوته من الشّجاعة ، لأنّ الشّجاعة تلائم الكرم ، كما أنّك إذا قلت في الاستثناء : جاء القوم إلّا زيدا ، فهو لإخراج ما أوهم من عموم النّاس دخوله ، وإن كان الإيهام في الأوّل بطريق الملاءمة ، وفي الثّاني بطريق الدّلالة الّتي هي أقوى ، فإذا أتى بصفة مدح ثمّ أتى بعد أداة الاستدراك بصفة مدح أخرى أشعر الكلام بأنّ المتكلّم لم يجد حالا يستدركه على الصّفة الأولى غير ملائم لها الّذي هو الأصل ، فأتى بصفة مدح مستدركة على الأولى ، فيجيء التّأكيد كما تقدّم في الضّرب الثّاني من الاستثناء.
(٥) أي من جهة الرّفعة والشّرف حال كونه زاخرا ، أي مرتفعا من تلاطم الأمواج ، «إلّا أنّه البحر» من جهة الكرم.
(٦) جمع وابل وهو المطر الغزير ، «الضّرغام» هو الأسد شجاعة وقوة.
(٧) أي النّوع المسمّى بذلك.
(٨) أي مثل الأوّل في تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ.