يعتبرون ذلك في المحاورات والخطابيات وإن لم يعتبره أئمّة الأصول (١). [و] الثّاني [أنّه لم يكن ظالما في قتلهم (٢)] وإلّا لما كان للدّنيا سرور بخلوده. [ومنه] أي ومن المعنوي : [الإدماج (٣)] يقال ـ أدمج الشّيء في ثوبه إذا لفّه فيه [وهو أن يضمن كلام سيق لمعنى] مدحا كان أو غيره [معنى آخر] وهو منصوب مفعول ثان ليضمن ، وقد أسند إلى المفعول الأوّل [فهو] لشموله المدح وغيره [أعمّ من الاستتباع] لاختصاصه بالمدح [كقوله (٤) : اقلب فيه] أي في ذلك اللّيل (٥)
________________________________________________________
ذو الهمة الدّنيّة ، فالعدول عن الأموال إلى الأعمار إنّما هو لعلوّ الهمّة ، وذلك ممّا يمدح به.
(١) فلا يفيد الحصر عندهم ، لأنّه لقب ، وهو لا مفهوم له كقولك : على زيد حجّ.
(٢) أي قتل مقتوليه ، لأنّه لم يقصد بذلك إلّا صلاح الدّنيا وأهلها ، وذلك لأنّ تهنئة الدّنيا إنّما تهنئة لأهلها ، فلو كان ظالما في قتل من قتل لما كان لأهل الدّنيا سرور بخلوده ، بل يكون سرورها بهلاكه ، ومن المعلوم أنّ كونه غير ظالم مدح ، فهم من التّهنئة لاستلزامها إيّاه ، فالمدح الأوّل لازم للمعنى الّذي جعل أصلا ، وهو النّهاية في الشّجاعة.
والمدح الثّاني : لازم للمعنى الّذي جعل مستتبعا ، وهو كونه سببا لصلاح الدّنيا.
(٣) الإدماج في اللّغة بمعنى أدمج الشّيء في الثّوب إذا لفّ فيه ، وهو اصطلاحا «أن يضمن كلام» ، أي أن يجعل المتكلّم الكلام الّذي سيق لمعنى مدحا كان ذلك المعنى أو غيره ، معنى آخر ، وهذا أعنى معنى آخر «منصوب مفعول ثان ليضمن وقد أسند» ، «يضمن» إلى المفعول الأوّل ، وهو قوله : كلام.
والحاصل إنّ قوله : «يضمن» على صيغة المبني للمفعول ، والنّائب هو «كلام» ، وقوله : «سيق لمعنى» ، نعت ل «كلام» ، وقوله : «معنى آخر» المفعول الثّاني ل «يضمن» فهو منصوب به بعد أن رفع المفعول الأوّل بالنّيابة ، وقوله : معنى آخر أعمّ من أن يكون مدحا أو غيره ، وفهم من قوله «يضمن» أنّ هذا المعتى الثّاني يعني المعنى الآخر يجب أن لا يكون مصرّحا به ، ولا يكون في الكلام إشعار بأنّه مسوق لأجله ، وإلّا لم يكن ذلك من الإدماج.
(٤) أي قول أبي الطّيب.
(٥) عبّر بالمضارع لدلالته على تكرّر تقليب الأجفان ليلا ، وهو دليل على السّهر