[وإذا ولّى (١) أحد المتجانسين] أيّ تجانس كان ولذا ذكره باسمه الظّاهر دون المضمر ، المتجانس [الآخر سمّي] الجناس [مزدوجا ومكرّرا أو مردّدا نحو : (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ)(١) (٢)] هذا في التّجنيس اللّاحق وأمثلة (٣) الأخر ظاهرة ممّا سبق. [ويلحق بالجناس شيئان : أحدهما أن يجمع اللّفظين الاشتقاق (٤)] وهو توافق الكلمتين في الحروف الأصول مع الاتّفاق في أصل المعنى [نحو : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ)(٢)]
________________________________________________________
(١) أي وقع بإزاء مجانسه الآخر سمّي هذا الجناس صاحب هذه الخاصّيّة «مزدوجا ومكرّرا ومردّدا» لكونهما زوجين متلاصقين ، وبما أنّ أحد المتجانسين شكيل صاحبه من عامّة النّواحي أو أكثرها ، فكأنّه قد كرّر ، وردّد.
(٢) فقوله تعالى : (مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ) فيه جناس لاحق ، لاختلاف السّين والنّون في نوع الحروف وفي المخرج أيضا.
(٣) أي أمثلة الأقسام الأخر ظاهرة ممّا سبق ، فمثال التّام أن يقال : تقوم السّاعة في ساعة ، ومثال المحرّف أن يقال : هذه لك جبّة وجنّة من البرد للبرد ، ومثال النّاقص قولهم : جدّي جهدي ، ومثال المقلوب : أن يقال : هذا السّيف للأعداء والأولياء حتف وفتح.
ثمّ أشار إلى شيئين ليسا من الجناس الحقيقي ، ولكنّهما ملحقان في كونهما ممّا يحسن به الكلام الحسن كحسن الجناس ، فقال : «ويلحق بالجناس شيئان».
(٤) أي أن يكون اللّفظان مشتقّين من أصل واحد ، ثمّ المراد بالاشتقاق هنا هو الاشتقاق الّذي ينصرف إليه اللّفظ عند الإطلاق ، وهو الاشتقاق الصّغير المفسّر بتوافق الكلمتين في الحروف الأصول مع التّرتيب والاتّفاق في أصل المعنى ، فقوله : «في الحروف الأصول» خرج به الاشتقاق الأكبر ، كالثّلب والثّلم ، وقوله : «مع التّرتيب» خرج به الاشتقاق الكبير كالجذب والجبذ ، والرّق والرّقم ، وقوله : «والاتّفاق في أصل المعنى» خرج به الجناس التّامّ ، لأنّ المعنى فيه مختلف ولذا لم يكن هذا جناسا بل ملحقا به ، لأنّه لا بدّ في الجناس من اختلاف معنى اللّفظين.
__________________
(١) سورة النّمل : ٢٢.
(٢) سورة الرّوم : ٤٣.