يرجعان إلى أصل واحد كما في الاشتقاق ، [نحو : (قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ)(١) (١)] ، الأوّل من القول ، والثّاني من القلا.
وقد يتوهّم أنّ المراد بما يشبه الاشتقاق هو الاشتقاق الكبير ، وهذا أيضا غلط ، لأنّ الاشتقاق الكبير هو الاتّفاق في الحروف الأصول دون التّرتيب ، مثل القمر والرّقم والمرق ، وقد مثّلوا في هذا المقام بقوله تعالى : [(اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا)(٢) (٢)] ولا يخفى أن الأرض مع (أَرَضِيتُمْ) ليستا كذلك (٣). ـ
[ومنه] أي ومن اللّفظي (٤) [ردّ العجز على الصّدر ، وهو (٥) في النّثر أن يجعل أحد اللّفظين المكرّرين] أي المتّفقين في اللّفظ والمعنى [أو أحد المتجانسين] ، أي المتشابهين في اللّفظ دون المعنى.
________________________________________________________
(١) أي من الباغضين ، فإنّ بين «قال والقالين» ما يشبه الاشتقاق فإنّه يتوهّم في بادئ الرّأي ، وقبل التّأمل أنّهما مشتقان من أصل واحد ، أعني القول مثل : قال والقائلين ، لكنّهما ليسا كذلك ، فإنّ قال من القول ، والقالين من القلي ، فالأوّل أجوف واوي ، والثّاني ناقص يائي ، لكنّهما جامعان لأكثر الحروف ، أعني القاف واللّام.
(٢) أي وما مثّلوا به وهو «الأرض وأرضيتم» ولم تتّفق فيهما الأصول ، لأنّ الهمزة في «الأرض» أصليّة ، وفي «أرضيتم» للاستفهام لا أصليّة ، هذا مع وجود التّرتيب في الحروف فيهما.
(٣) أي ليس من الاشتقاق الكبير لوجود التّرتيب فيه ، إذن لا يكون المراد بما يشبه الاشتقاق هو الاشتقاق الكبير ، لأنّ هذا المثال لا يصلح له ، بل يكون المراد به ما يشمله ويشمل غيره.
(٤) أي من أنواع البديع اللّفظي ، هو النّوع المسمّى برد العجز على الصّدر.
(٥) أي ردّ العجز على الصّدر يكون في النّثر ، وفي النّظم ، فهو في النّثر أن يجعل أحد اللّفظين المكرّرين وهما متّفقان لفظا ومعنى أو أحد المتجانسين ، وهما المتشابهان في اللّفظ دون المعنى.
__________________
(١) سورة الشّعراء : ١٦٨.
(٢) سورة التّوبة : ٣٨.