وهو أخصّ من الموازنة (١).
[وإذا تساوى الفاصلتان] في الوزن دون التّقفية ، [فإن كان ما في إحدى القرينتين] من الألفاظ [أو أكثره مثل ما يقابله من] القرينة [الأخرى في الوزن] سواء كان يماثله في التّقفية أو لا [خصّ] هذا النّوع من الموازنة [باسم المماثلة] وهي لا تختصّ بالنّثر كما توهّمه البعض من ظاهر قولهم : تساوي الفاصلتين (٢) ، ولا بالنّظم على ما ذهب إليه البعض ، بل تجري في القبيلين ، فلذلك أورد مثالين نحو قوله تعالى : [(وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(١) (٣).
وقوله : مها الوحش] جمع مهاة ، وهي البقرة الوحشيّة [إلّا أنّ هاتا] أي هذه النّساء [أوانس (٤) ، ـ [قنا الخطّ (٥) إلّا أن تلك] القنا (٦) [ذوابل] ، وهذه النّساء نواضر.
________________________________________________________
(١) فإنّه لا يشترط في الموازنة التّساوي في التّقفية ، كما يشترط في السّجع فتكون الموازنة أعمّ من السّجع.
(٢) أي بناء على أنّ الفاصلتين يختصّان بالنّثر غافلا عن إطلاقهما على ما في الشّعر توسّعا ، وهنا توهّم اختصاص الموازنة بالنّظم ، لأنّه أنسب بوزنه باسم الموازنة ، وهذا التّوهّم سخيف في الغاية ، لأنّ الاسم لا تحقّق مدلوله كلفظ الموضوع لبعض الأشقياء.
(٣) والشّاهد : في أنّ بين الآيتين تقفية ، فيكون هذا المثال ردّا للتّوهّمين المتناقضين ، هذا في النّثر ، وأمّا مثال النّظم فهو قول أبي تمّام في مدح نسوة «مها الوحش» ، أي بقر الوحش ، أي هذه النّسوة كمها الوحش في سعة الأعين ، وسوادها وجمال أعضائها.
(٤) أي يأنس بهنّ العاشق دون الوحشيّات ، فزدن في الفضل بهذا المعنى.
(٥) وهنّ أيضا «قنا الخطّ» في طول القدّ واستقامته ، و «القنا» جمع القناة ، وهي الرّمح ، والخطّ موضع باليمامة ، وهو خطّ هجر تنسب إليه الرّماح المستقيمة.
(٦) أي تلك الرّماح «ذوابل» جمع ذابل من الذّبول ضد النّعومة ، ففضّلن الرّماح بكونهنّ نواعم لا ذوابل ، فالنّساء هؤلاء كمها الوحش ، وزدن بالأنس ، وكالقنا وزدن بالنّضارة والنّعومة.
والشّاهد في أن مها من المصراع الأوّل موازن للقنا من المصراع الثّاني ، وأوانس من الأوّل موازن للذّوابل من الثّاني ، ولكن هاتا في الأوّل ، وتلك في الثّاني غير متوازنين ، فهذا مثال من الشّعر لما تساوى فيه الجلّ ، ومثال ما تساوى فيه الكلّ قول أبي تمّام :
__________________
(١) سورة الصّافّات : ١١٧ و١١٨.