أو لم يعرض ، وكذا (١) وصف المشبّه به أعني الغيث ، بأنّه يصبك إن جئته أو ترحّلت عنه ، والوصفان (٢) مشعران بوجه الشّبه ، أعني الإفاضة في حالتيّ الطّلب وعدمه ، وحالتيّ الإقبال عليه ، والإعراض عنه. [وإمّا مفصّل] عطف (٣) على إمّا مجمل [وهو ما ذكر فيه وجهه (٤) كقوله : وثغره في صفاء ، وأدمعي كاللآلئ (٥) ، وقد يتسامح (٦) بذكر ما يستتبعه مكانه] أي بأن يذكر مكان وجه الشّبه ما يستلزمه (٧) أي يكون وجه الشّبه تابعا له لازما في الجملة.
________________________________________________________
(١) أي كالمشبّه.
(٢) أي الوصفان الخاصّان ، وهما كون الممدوح فائضة أعرضت عنه أو لا ، وكون الغيث يصبك جئته أو ترحّلت عنه.
(٣) أي معطوف على قوله : «إمّا مجمل» والعاطف هو إمّا على قول ، والواو على قول آخر ، وإمّا لمجرّد التّفصيل.
(٤) أي وجه التّشبيه.
(٥) أي فإنّ هذا البيت قد ذكر فيه وجه الشّبه ، وهو الصّفاء ، وقد تقدّم التّمثيل به لتشبيه التّسوية ، ولا بعد في كون كلام واحد مثالا لشيئين مع تعدّد الجهة كالبيت ، فإنّه لاشتماله على تعدّد الطّرف الأوّل يصلح أن يكون مثالا لتشبيه التّسوية ، وباعتبار التّصريح بوجه الشّبه يصلح أن يكون مثالا للتّشبيه المفصّل ، ثمّ إنّ وصف الدّموع بالصّفاء للإشعار إلى كثرتها ، فإنّ الكثرة تقتضي غسل المنبع وتنقيته من الأوساخ الّتي تمتزج بالماء ، بخلاف ما إذا جرى أحيانا ، فإنّه يكون متلبّسا بكدرات المنبع ، فسقط من أفاد أنّ وصف الدّمع بالصّفاء لا يناسب كون البيت مسوقا لبيان كثرة الحزن ، لأنّ الدّمع الصّافي لا يدلّ عليها ، وإنّما الدّالّ عليه الدمع المشوب بالدّم.
وكيف كان فالشّاهد في البيت : كونه مشتملا على ذكر وجه الشّبه مفصّلا ، لأنّ وجه الشّبه وهو الصّفاء مذكور مفصّلا.
(٦) أي قد يتساهل البيانيّون في تسمية ما يستتبع وجه الشّبه وجه شبه بسبب ذكر أهل المحاورة ما يستلزمه مكانه.
(٧) أي تفسير الشّارح ، «أي بأن يذكر ...» إشارة إلى أنّ قول المصنّف مكانه ظرف لغو متعلّق بذكر لا أنّه ظرف مستقرّ حال من ما الموصولة ، فإنّه تكلّف مستغنى عنه ،