يشكو (١) سيف الدّولة ، واستماعه لقول أعدائه. [وأمّا التّلميح] صحّ بتقديم اللّام على الميم من ـ لمحه إذا أبصر ونظر إليه ـ وكثيرا ما تسمعهم يقولون ـ لمح فلان هذا البيت فقال كذا ، وفي هذا البيت تلميح إلى قول فلان ـ وأمّا التّمليح بتقديم الميم على اللّام بمعنى الإتيان بالشّيء المليح ، كما مرّ في التّشبيه والاستعارة ، فهو ههنا غلط محض ، وإن أخذ مذهبا (٢). [فهو أن يشار] في فحوى الكلام (٣) ، [إلى قصّة أو شعر] أو مثل سائر [من غير ذكره] أي ذكر كلّ واحد من القصّة أو الشّعر ، وكذا المثل ، فالتّلميح إمّا في النّظم أو في النّثر ، والمشار إليه في كلّ منهما إمّا أن يكون قصّة أو شعرا أو مثلا ، وتصير ستّة أقسام ، والمذكور في الكتاب مثال التّلميح في النّظم إلى القصّة والشّعر [كقوله :
فو الله ما أدرى أأحلام نائم |
|
ألمّت بنا أم كان في الرّكب يوشع (٤)] |
________________________________________________________
إلى ما لا حاصل له في الخارج من التّخيّلات الفاسدة ، والأفكار الكاسدة ، فيصدق في هذه الأمور ، فيعمل على مقتضى توهّمه وتخيّلاته ، فهذه المعاني الّتي في كلام بعض المغاربة حول قول أبي الطّيّب :
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه |
|
وصدق ما يعتاده من توهّم |
(١) أي يشكو أبو الطّيّب من سيف الدّولة ، واستماعه لقول أعدائه ، أي إذا قبح فعل الإنسان قبحت ظنونه فيسيء ظنّه بأوليائه ، وصدّق ما يخطر بقلبه من التوهّم على أتباعه.
(٢) أي قيل : إنّه والتّمليح شيء واحد ، وفسر بما هنا.
(٣) أي في أثنائه ، وقيل : إن «في» بمعنى الباء ، والمراد الإشارة بقوّة الكلام وقرائنه الّتي يشتمل عليها.
(٤) هو لأبي تمّام ، و «ألمّت» بمعنى نزلت ، وقبله :
لحقنا بأخراهم وقد حوّم الهوى |
|
قلوبا عهدنا طيرها وهي وقّع |
فردّت علينا الشّمس واللّيل راغم |
|
بشمس لهم من جانب الخدر تطلع |