[فصل] من الخاتمة في حسن الابتداء والتّخلص والانتهاء [ينبغي للمتكلّم] شاعرا كان أو كاتبا [أن يتأنّق] أي يتتبّع الأنق الأحسن ، يقال ـ تأنّق في الرّوضة إذا وقع فيها متتبّعا لما يونقه ، أي يعجبه [في ثلاثة مواضع من كلامه حتّى تكون] تلك المواضع الثّلاث [أعذب لفظا] بأن تكون في غاية البعد عن التّنافر والثّقل (١) ، [وأحسن سبكا] بأن تكون في غاية البعد عن التّعقيد (٢) ، والتّقديم والتّأخير الملبس (٣) ، وأن تكون الألفاظ متقاربة في الجزالة (٤) والمتانة (٥) والرّقّة والسّلاسة (٦) ، وتكون المعاني مناسبة لألفاظها من غير أن يكتسي (٧) اللّفظ الشّريف المعنى السّخيف ، أو العكس ، بل يصاغان صياغة تناسب وتلاؤم [وأصحّ معنى] بأن يسلم من التّناقض والامتناع والابتذال ومخالفة العرف ، ونحو ذلك ، [أحدها (٨) الابتداء] ، لأنّه أوّل ما يقرع السّمع ، فإن كان عذبا حسن السّبك صحيح المعنى أقبل السّامع على الكلام فوعى (٩) جميعه ،
________________________________________________________
المستجير أي المستغيث أي الّذي يستغيث عند كربته بعمرو ، كالمستجير من الرّمضاء بالنّار ، أي كالفارّ من الأرض الرّمضاء إلى النّار.
(١) ومخالفة القياس ، وإنّما قال : «في غاية البعد» ، لأنّ أصل البعد عن ذلك يرجع إلى علم المعاني لا إلى علم البديع.
(٢) المراد به التّعقيد المعنوي ، ولذلك عطف عليه التّقديم والتّأخير الملبس وهو التّعقيد اللّفظي.
(٣) أي الموجب للالتباس والاشتباه ، وهو إشارة إلى ضعف التّأليف المتقدّم في أوّل الكتاب.
(٤) أي لا يكون بعضها ركيكا.
(٥) أي في القوّة.
(٦) تفسير للرّقّة.
(٧) بيان لقوله : «وأن تكون المعاني مناسبة لألفاظها».
(٨) أي أحد المواضع الثّلاثة.
(٩) أي حفظ جميعه لرغبة السّامع فيه واستلذاذه باستماعه.