الحقيقة والمجاز (١)
هذا هو المقصد الثّاني (٢) من مقاصد علم البيان ، أي (٣) هذا بحث الحقيقة والمجاز والمقصود الأصلي (٤) بالنّظر إلى علم البيان هو المجاز ، إذ به يتأتّى (٥) اختلاف الطّرق دون الحقيقة (٦) ،
________________________________________________________
(١) أي لمّا فرغ المصنّف من التّشبيه الّذي هو أصل لمجاز الاستعارة الّتي هي نوع من مطلق المجاز ، شرع في الكلام على مطلق المجاز ، وأضاف ذكر الحقيقة لكمال تعريفه بها ، لا لتوقّفه عليها.
(٢) أي قد علمت أنّ المقصود في فنّ البيان منحصر على ثلاثة مقاصد :
١. باب التّشبيه
٢. باب المجاز
٣. باب الكناية.
فلمّا فرغ المصنّف من المقصد الأوّل ، وهو التّشبيه ، شرع في المقصد الثّاني ، وهو المجاز المطلق ، وأمّا تعرّضه للحقيقة فإنّما هو بطريق التّبع لعدم تعلّق الغرض بها.
(٣) أي هذا التّفسير إشارة إلى توجيه التّركيب بأنّه حذف فيه المبتدأ ، والمضاف إلى الخبر ـ وأقيم المضاف إليه مقامه ، ويجوز أن يكون قوله : «الحقيقة والمجاز» مبتدأ خبره محذوف مقدّم على المبتدأ ، أي التّقدير ومن مقاصد علم البيان بحث الحقيقة والمجاز.
(٤) أي من هذا المبحث هو المجاز ، لأنّ مقصد البياني كما علم في أوّل الفنّ هو إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدّلالة وخفائها ، وقد تقدّم هناك أيضا أنّ الإيراد المذكور لا يتأتّى بالحقيقة بل بالمجاز والكناية.
(٥) أي بالمجاز يحصل اختلاف الطّرق الّتي يؤدّي بها المعنى المراد ، والمراد اختلافها في الوضوح والخفاء.
(٦) أي لا يتأتّى فيها اختلاف الطّرق الّتي يؤدّي بها المعنى المراد في الوضوح والخفاء ، وذلك لعدم التّفاوت فيها ، لأنّها وضعت لشيء بعينه لتستعمل فيه فقطّ ، فإن كان السّامع عالما بالوضع فلا تفاوت ، وإلّا فلا يفهم شيئا أصلا ، وفي قوله : «دون الحقيقة» إشارة إلى أنّ حصر تأتّي اختلاف الطّرق في المجاز نسبيّ وإضافيّ ، فلا ينافي أنّ الكناية يتأتّى بها اختلاف الطّرق أيضا.