[والمجاز (١)] في الأصل مفعل (٢) من جاز (٣) المكان يجوزه ، ـ إذا تعدّاه نقل (٤) إلى الكلمة الجائزة ، أي المتعدّيّة مكانها الأصلي ، أو المجوّز بها على معنى أنّهم جازوا بها وعدّوها مكانها الأصلي ، كذا ذكره الشّيخ (٥) في أسرار البلاغة ، وذكر المصنّف أنّ الظّاهر أنّه من قولهم : جعل كذا مجازا إلى حاجتي (٦) ، أي طريقا لها ، على أنّ معنى جاز المكان ، فإنّ المجاز طريق إلى تصوّر معناه (٧).
________________________________________________________
(١) أي ولمّا فرغ المصنّف من الحقيقة المقابلة للمجاز أشار إلى المجاز ، وقسّمه إلى قسمين كما يأتي.
(٢) أي أنّه باعتبار أصله مصدر ميميّ على وزن مفعل ، فأصله مجوز نقلت حركت الواو للسّاكن قبلها ، ثمّ تحرّكت الواو بحسب الأصل ، ثمّ انقلبت ألفا لانفتاح ما قبلها فصار مجازا.
(٣) أي المجاز مشتقّ من جاز المكان ، وهذا ظاهر في أنّ الاشتقاق من الأفعال كما يقول الكوفيون ، وأمّا على مذهب البصريّين من أنّ الاشتقاق من المصدر فيقدّر مضاف ، أي مشتقّ من مصدر جاز ، وهو الجواز لأنّ المصدر المزيد يشتقّ من المجرّد ، ـ ويصحّ أنّ يقدّر مأخوذ من جاز المكان.
(٤) أي نقل المجاز في الاصطلاح من المصدريّة «إلى الكلمة الجائزة ...».
وحاصل الكلام في المقام أنّ لفظ «مجاز» في الأصل ، أي في اللّغة مصدر معناه الجواز والتّعديّة ، ثمّ نقل في الاصطلاح من المصدريّة إلى الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له ، باعتبار أنّها جائزة ومتعديّة مكانها الأصلي ، فيكون بمعنى اسم الفاعل ، أو باعتبار أنّها مجوز بها ومتعدّي بها مكانها الأصلي ، فيكون بمعنى اسم المفعول.
(٥) أي ذكره الشّيخ عبد القاهر.
(٦) أي إنّ المجاز على ما ذكره في الإيضاح منقول من المستعمل اسم مكان ، لأنّه قال فيه ما حاصله : إنّ الظّاهر أنّه ، أي لفظ المجاز منقول من قولهم : «جعلت كذا» أي الشّيء الفلاني مجازا إلى حاجتي ، أي طريقا لها ، وهذا بناء على أنّ جاز المكان سلكه ، أي وقع عبوره وجوازه فيه.
(٧) أي معناه المجاز ، المراد منه بالقرينة ، وحينئذ فالمجاز معناه محلّ الجواز ، والسّلوك هو نفس الطّريق.