ولمّا أشار بالمثال إلى بعض أنواع العلاقة (١) أخذ في التّصريح بالبعض الآخر من أنواع العلاقات ، فقال : [ومنه] أي من المرسل [تسمية الشّيء باسم جزئه] في هذه العبارة نوع من التّسامح (٢) ، والمعنى أنّ في هذه التّسمية مجازا مرسلا ، وهو (٣) اللّفظ الموضوع لجزء الشّيء عند إطلاقه على نفس ذلك الشّيء ، [كالعين] وهي الجارحة المخصوصة (٤) [في الرّبيئة] وهي الشّخص الرّقيب (٥) والعين جزء منه (٦) ،
________________________________________________________
(١) أي العلاقة السّببيّة في المثالين.
(٢) أي في قوله : «ومنه تسمية الشّيء باسم جزئه» تسامح ، لأنّ ظاهر العبارة أنّ المجاز نفس تسمية الشّيء باسم جزئه ، مع أنّ المجاز هو اللّفظ الّذي كان للجزء ، وإطلاقه على الكلّ كان للملابسة.
(٣) أي والمجاز المرسل المصاحب لتلك التّسمية هو اللّفظ الموضوع لجزء الشّيء عند إطلاقه على نفس ذلك الشّيء.
واعلم أنّه لا يصحّ إطلاق اسم كلّ جزء على الكلّ ، وإنّما يطلق اسم الجزء الّذي له مزيد اختصاص بالكلّ بحيث يتوقّف تحقّق الكلّ بوصفه الخاصّ عليه كالرّقبة والرّأس ، فإنّ الإنسان لا يوجد بدونهما بخلاف اليد فإنّه لا يجوز إطلاقها على الإنسان ، وأمّا إطلاق العين على الرّبيئة فليس من حيث إنّه إنسان ، بل من حيث إنّه رقيب ، ومن المعلوم أنّ الرّبيئة إنّما تتحقّق كونه شخصا رقيبا بالعين ، إذ لولاها لانتفت عنه الرّقيبيّة ، وإلى هذا أشار الشّارح بقوله : «ويجب أن يكون الجزء ...».
(٤) أي بحسب أصل وضعها ، فإنّها تستعمل مجازا مرسلا في الرّبيئة ، والعلاقة في ذلك الجزئيّة.
(٥) أي وهو في الأصل المشرف ، والحافظ على الشّيء ، والمراد هنا الشّخص المسمّى بالجاسوس الّذي يطّلع على عورات العدو ، أي خفايا أموره.
(٦) أي من الرّقيب ، فقد أطلق اسم جزئه عليه لعلاقة الجزئيّة.