بل هو (١) من تسمية المسبّب باسم السّبب [أو ما كان عليه] أي تسمية الشّيء (٢) باسم الشّيء الّذي كان هو عليه في الزّمان الماضي لكن ليس عليه (٣) الآن [نحو : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ)(١)] أي الّذين كانوا يتامى قبل ذلك ، إذ لا يتمّ بعد البلوغ [أو] تسمية الشّيء باسم [ما يؤول] ذلك الشّيء [إليه (٤)] في الزّمان المستقبل [نحو : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(٢)] أي عصيرا يؤول إلى الخمر [أو] تسمية الشّيء باسم [محلّه (٥) نحو :
________________________________________________________
(١) أي قولهم : فلأنّ أكل الدّم ، من تسمية المسبّب ، أي الدّية ، باسم السّبب ، أي الدّم ، فالدّية مسبّبة عن الدّم والدّم سبب لها.
(٢) أي البالغ فعلا باسم الشّيء ، أي اليتامى الّذي كان هو ، أي البالغ عليه ، أي على وصف اليتامى في الزّمان الماضي.
(٣) أي ليس على وصف اليتامى عند الإطلاق ، وحاصل الكلام إنّ من المجاز المرسل عند المشهور تسمية الشّيء باسم الّذي أطلق على الشّيء باعتبار الحال الّذي كان عليه أوّلا ، وليس ذلك الحال الّذي باعتباره أطلق اللّفظ موجودا الآن ، وذلك قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) حيث أطلق (الْيَتامى) على البالغين ، لأنّ إيتاء المال بعد البلوغ ، وإطلاق ذلك على البالغين إنّما هو باعتبار الوصف الّذي كانوا عليه قبل البلوغ ، لأنّه ـ محلّ اليتم ، وليس موجودا الآن ، إذ لا يتمّ بعد البلوغ ، والعلاقة في ذلك اعتبار ما كان.
(٤) أي من المجاز المرسل تسمية الشّيء بالاسم الّذي يطلق على ذلك الشّيء باعتبار ما يؤول إليه يقينا ، أو ظنّا لا احتمالا نحو قوله تعالى حكاية : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) أي أعصر عنبا يؤول إلى أن يصير خمرا بعد العصر ، فقد سمّي العنب باسم الحال الّذي سيحدث ويؤول إليه المسمّى ، ولا شكّ أنّ الارتباط موجود بين الحال وما يؤول إليه صاحبه ، وذلك مصحّح للتّجوز ، والعلاقة في ذلك اعتبار ما يكون.
(٥) أي ومن المجاز المرسل تسمية الشّيء باسم المكان الّذي يحل فيه ذلك ، ومن ذلك قوله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) فإنّ النّادي اسم لمكان الاجتماع ، ولمجلس القوم ، وقد أطلق على أهله الّذين يحلّون فيه ، فالمعنى فليدع أهل ناديه ، أي أهل مجلسه لينصروه ، فإنّهم لا ينصرونه والانتقال من النّادي إلى أهله موجود كثيرا ، فصحّ التّجوز بذلك الاعتبار ، فالعلاقة في ذلك المحلّيّة.
__________________
(١) سورة النّساء : ٢.
(٢) سورة يوسف : ٣٦.