في أنّ تقييد المطلق لا يوجب المجازية
اختلفت كلمة الأصوليّين في أنّ تقييد المطلق يستلزم المجازية أو لا على أقوال ، نذكر منها قولين :
الأوّل : انّه يستلزم المجازية مطلقا سواء كان القيد متصلا أم منفصلا ، وهو المشهور قبل سلطان العلماء.
الثاني : إنّه لا يستلزم المجازية مطلقا ، وهو خيرة سلطان العلماء.
حجة القول الأوّل هو أنّ مقوّم الإطلاق هو الشيوع والسريان ، وقد قيل في تعريفه ما دلّ على شائع في جنسه وبالتقييد يزول الشمول والسريان فينتج المجازية.
وحجّة القول الثاني : انّ المطلق موضوع للحقيقة المعرّاة من كلّ قيد حتى الشيوع والسريان ، فالتقييد لا يحدث أيّ تصرف في المطلق.
والحقّ انّ التقييد لا يوجب مجازية المطلق ، سواء كان المطلق موضوعا للشائع ، أو لنفس الماهية المعراة عن كلّ قيد كما مرّ من أنّ تخصيص العام بالتخصيص المتصل والمنفصل، لا يستلزم مجازيته.
لأنّ كل لفظ مستعمل في معناه ، فلو قلنا بأنّ المطلق موضوع للشائع في جنسه ، فهو مستعمل في معناه ، وتقييده بقيد لا يوجب استعماله في غير ما وضع له ، لما عرفت من تعدّد الدالّ والمدلول ، فلاحظ.