في مقام بيان تمام مراده ، فالأصل كونه كذلك إلاّ أن يدلّ دليل على خلافه كما أنّه يمكن أن يكون للكلام جهات مختلفة ، كأن يكون واردا في مقام البيان من جهة وفي مقام الإهمال من جهة أخرى ، كما في الآية السابقة ، فقد كان في مقام البيان من جهة الحلية لا في مقام بيان طهارة موضع العض.
المطلق والمقيد المتنافيان
إذا ورد مطلق كقول الطبيب : إذا استيقظت من النوم اشرب لبنا ، وورد مقيّد مناف له كقوله في كلام آخر : إذا استيقظت من النوم اشرب لبنا حلوا. فهذان الحكمان متنافيان،لأنّ الأوّل يدلّ على كفاية شرب مطلق اللبن بخلاف الثاني فإنّه يخصه بالحلو منه.
فعلاج هذا التنافي يحصل بأحد أمرين :
أ. التصرف في المطلق بحمله على المقيد فيصير اللازم هو شرب اللبن الحلو.
ب. التصرف في المقيد مثل حمله على الاستحباب.
والرائج في الخطابات الشرعية هو حمل المطلق على المقيد لا حمل المقيد على الاستحباب ، وقد عرفت وجهه من أنّ التشريع تمّ تدريجا ومثله يقتضي جعل الثاني متمما للأوّل.
ثمّ إنّ إحراز التنافي فرع إحراز وحدة الحكم ، وإلاّ فلا يحصل التنافي كما إذا اختلف سبب الحكمين مثلا إذا قال : إذا استيقظت من النوم فاشرب لبنا حلوا ، وإذا أكلت فاشرب لبنا ، فالحكمان غير متنافيين لاختلافهما في السبب.