موضوع لما استعمل فيه ، لأنّ المصحّح له إمّا الوضع أو العلاقة ، والثاني لا اطّراد فيه ، فيتعيّن الأوّل.
ولنذكر مثالا آخر: إنّ آية الخمس ، أعني قوله سبحانه : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(الأنفال/٤١) توجب إخراج الخمس عن الغنيمة.
فهل الكلمة (الغنيمة) موضوعة للغنائم المأخوذة في الحرب ، أو تعمّ كلّ فائدة يحوزها الإنسان من طرق شتى؟
يستكشف الثاني عن طريق الاطّراد في الاستعمال ، فإذا تتبعنا الكتاب والسنّة نجد اطّراد استعمالها في كلّ ما يحوزه الإنسان من أيّ طريق كان.
قال سبحانه : (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) (النساء / ٩٤)، والمراد مطلق النّعم والرزق.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مورد الزكاة : «اللهمّ اجعلها مغنما» (١) ، وفي مسند أحمد : «غنيمة مجالس الذكر الجنة» ، وفي وصف شهر رمضان : غنم المؤمن.
فهذه الاستعمالات الكثيرة المطّردة ، تكشف عن وضعها للمعنى الأعم.
وهذا هو الطريق المألوف في اقتناص مفاهيم اللغات ومعانيها وفي تفسير لغات القرآن، ومشكلات السنّة ، وعليه قاطبة المحقّقين ، ويطلق على هذا النوع من تفسير القرآن ، التفسير البياني.
__________________
(١) للوقوف على مصادر الروايات عليك بمراجعة الاعتصام بالكتاب والسنّة ، ص ٩٢.