فالإجماع بما هو هو ليس بحجّة ، وإنّما هو كاشف عن الحجّة ، وسيوافيك تفصيله.
حجّية الإجماع المحصل عند الإمامية
قد عرفت أنّ الأمّة مع قطع النظر عن الإمام المعصوم غير معصومة من الخطأ في الأحكام ، وأقصى ما يمكن أن يقال إنّ الإجماع يكشف عن قول المعصوم أو الحجّة الشرعية التي اعتمدت عليها الأمّة ، والثاني أمر معقول ومقبول في عصر الغيبة غير أنّ كشف اتّفاقهم عن الدليل يتصوّر على وجوه ذكرها الأصوليون في كتبهم. (١)
أوجهها : أنّ اتّفاق الأمّة مع كثرة اختلافهم في أكثر المسائل يعرب عن أنّ الاتّفاق كان مستندا إلى دليل قطعي لا عن اختراع للرأي من تلقاء أنفسهم نظير اتّفاق سائر ذوي الآراء والمذاهب.
وبعبارة أخرى : أنّ فتوى كلّ فقيه وإن كانت تفيد الظن ولو بأدنى مرتبة إلاّ أنّها تتقوّى بفتوى فقيه ثان ، فثالث إلى أن يحصل اليقين بأنّ فتوى الجميع كانت مستندة إلى الحجّة ، إذ من البعيد أن يتطرّق الخطأ إلى فتوى هؤلاء.
وبالجملة ملاحظة إطباقهم في الإفتاء على عدم العمل إلاّ بالنصوص دون المقاييس يورث القطع بوجود حجّة في البين وصلت إليهم ولم تصل إلينا. (٢)
__________________
(١) لاحظ «كشف القناع عن وجه حجّية الإجماع» للعلاّمة التستري ، فقد ذكر فيه اثني عشر طريقا إلى كشف الإجماع عن الدليل ، ونقلها المحقّق الآشتياني في تعليقته على الفرائد لاحظ ص ١٢٢ ـ ١٢٥.
(٢) وعلى ذلك يكون الإجماع المحصل من الأدلة المفيدة للقطع بوجود الحجة ، الخارج عن تحت الظنون موضوعا وتخصّصا ، وقد تناولناه بالبحث للإشارة إلى الأدلّة الأربعة ، والمناسب للبحث في المقام هو الإجماع المنقول بالخبر الواحد.