المقام الثاني : الإجماع المنقول بخبر الواحد
والمراد هو الاتّفاق الذي لم يحصّله الفقيه بنفسه وإنّما ينقله غيره من الفقهاء واختلفوا في حجّيته على أقوال :
القول الأوّل : إنّه حجّة مطلقا ، لأنّ المفروض أنّ الناقل ثقة وينقل الحجّة أي الاتّفاق الملازم لوجود دليل معتبر فتشمله أدلّة حجّية خبر الواحد.
القول الثاني : إنّه ليس بحجّة مطلقا ، وذلك لأنّ خبر الواحد حجّة فيما إذا كان المخبر به أمرا حسّيا أو كانت مقدّماته القريبة أمورا حسّية ، كالإخبار بالعدالة النفسانية إذا شاهد منه التورّع عن المحرّمات ، أو الإخبار بالشجاعة إذا شاهد قتاله مع الأبطال ، وأمّا إذا كان المخبر به أمرا حدسيا محضا لا حسّيا ولم تكن له مقدّمات قريبة من الحسّ ، فخبر الواحد ليس بحجّة.
فالناقل للإجماع ينقل أقوال العلماء وهي في أنفسها ليست حكما شرعيا ولا موضوعا ذا أثر شرعي ، وأمّا الحجّة ، أعني : رأي المعصوم ، فإنّما ينقله عن حدس لا عن حس بزعم انّ اتّفاق هؤلاء يلازم رأي المعصوم ، وخبر الواحد حجّة في مورد الحسيّات لا الحدسيات إلاّ ما خرج بالدليل كقول المقوّم في أرش المعيب
يلاحظ عليه : أنّه إذا كانت هناك ملازمة بين أقوال العلماء والحجّة الشرعية ، فلما ذا لا يكون نقل السبب الحسي دليلا على وجود المسبب وقد تقدّم انّ نقل الأمور الحدسية إذا استند الناقل في نقلها إلى أسباب حسية ، هو حجّة كما في وصف الرجل بالعدالة والشجاعة.
وأمّا عدم حجّية خبر الواحد في الأمور الحدسية ، فإنّما يراد منه الحدسيّ المحض كتنبّؤات المنجمين لا في مثل المقام الذي يرجع واقعه إلى الاستدلال بالسبب الحسّي على وجود المسبب.