ثم إنّ للاستصحاب دورا فقط في إحراز الصغرى : أعني : طهارة الثوب ، ويترتب عليه أمر الشارع بجواز الصلاة فيه ، ومن المعلوم أنّ امتثال الأمر الشرعي واقعيا كان أو ظاهريا مسقط للتكليف ، كما مرّ في مبحث الاجزاء.
روى أبو بصير ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهالسلام ، أنّه قال : «من كان على يقين ثمّ شكّ فليمض على يقينه ، فانّ الشكّ لا ينقض اليقين». (٢)
والرواية صالحة للاستدلال بها على حجية قاعدة اليقين إذا كان متعلّق اليقين والشك واحدا ذاتا وزمانا ، بأن يكون مفادها ، من كان على يقين (من عدالة زيد يوم الجمعة) ثم شك (في عدالته في نفس ذلك اليوم وبالتالي شك في صحة الطلاق الذي طلق عنده) فليمض على يقينه.
كما هي صالحة للاستدلال بها على حجية الاستصحاب إذا كان متعلّق الشك غير متعلّق اليقين زمانا ففي المثال : إذا أيقن بعدالته يوم الجمعة وشك في بقائها يوم السبت فليمض على يقينه (مثلا ليطلق عنده).
لكنّها في الاستصحاب أظهر لوجهين :
١. انّ الصحاح السابقة تشكل قرينة منفصلة على تفسير هذه الرواية فتحمل إلى ما حملت عليه الروايات السابقة.
٢. انّ التعليل في الحديث تعليل بأمر ارتكازي وهو موجود في الاستصحاب دون قاعدة اليقين لفعلية اليقين في الأوّل دون الآخر.
__________________
(١) المراد من حديث الأربعمائة ، الحديث الذي علّم فيه أمير المؤمنين عليهالسلام أصحابه أربعمائة كلمة تصلح للمسلم في دينه ودنياه ، رواه الصدوق بسند صحيح ، عن أبي بصير ، ومحمد بن مسلم ، في كتاب الخصال في أبواب المائة وما فوقها. لاحظ ص ٦١٩.
(٢) الوسائل : ٧ ، باب ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ١٣.