إذا ثبت وجود اللّفظ المشترك ، يقع الكلام حينئذ في جواز استعماله في أكثر من معنى واحد في استعمال واحد ، بمعنى أن يكون كل من المعنيين مرادا باستقلاله ، كما إذا قال : اشتريت العين ، واستعمل العين في الذهب والفضة.
فخرج ما إذا استعمله في معنى جامع صادق على كلا المعنيين ، كما إذا استعمل العين في «المسمّى بالعين» فإنّ الذهب والفضة داخلان تحت هذا العنوان ، فهذا النوع من الاستعمال ليس من قبيل استعمال المشترك في أكثر من معنى.
إذا علمت ذلك ، فاعلم أنّه اختلف في جواز استعمال اللّفظ في أكثر من معنى واحد على أقوال أربعة :
أ. الجواز مطلقا.
ب. المنع مطلقا.
ج. التفصيل بين المفرد وغيره والتجويز في الثاني.
د. التفصيل بين الإثبات والنفي والتجويز في الثاني.
والحق جوازه مطلقا ، وأدلّ دليل على إمكانه وقوعه ، ويجد المتتبع في كلمات الأدباء نماذج من هذا النوع في الاستعمال : يقول الشاعر في مدح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
المرتمي في الدجى ، والمبتلى بعمى |
|
والمشتكي ظمأ والمبتغي دينا |
يأتون سدّته من كلّ ناحية |
|
ويستفيدون من نعمائه عينا |
فاستخدم الشاعر لفظ «العين» في الشمس ، والبصر ، والماء الجاري والذهب ؛ حيث إنّ المرتمي في الدجى ، يطلب الضياء ؛ والمبتلى بالعمى ، يطلب العين الباصرة ؛ والإنسان الظمآن يريد الماء ؛ والمستدين يطلب الذهب.