حقيقة وتكوينا ، كقولنا : «الخمر حرام» و «الخل حلال» فالمحمولان وإن كانا متنافيين ، ولكن التنافي بينهما بدويّ يزول بالنظر إلى تغاير الموضوعين.
٢. الورود : هو رفع أحد الدليلين موضوع الدليل الآخر حقيقة ، لكن بعناية من الشارع بحيث لولاها لما كان له هذا الشأن كتقدّم الأمارة على الأصول العملية.
توضيحه : انّ لكلّ من الأصول العملية موضوعا خاصّا.
مثلا موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان ، وموضوع الاشتغال هو احتمال العقاب، وموضوع التخيير هو عدم المرجّح ، فإذا قام الدليل القطعي على حجّية الأمارة ارتفع بذلك موضوع الأصل ، فتكون الأمارة بيانا لمورد الشك (في أصل البراءة) ، ورافعا لاحتمال العقاب (في أصالة الاشتغال) ، ومرجحا لأحد الطرفين على الآخر (في أصالة التخيير). كلّ ذلك بفضل جعل الشارع الحجّية للأمارة.
وهذا هو المراد من قولنا : «لكن بعناية الشارع» إذ لولاها لكانت الأمارة في عرض الأصول لعدم افادتها العلم كالأصول ، لكن لما افيضت عليها الحجية من جانب الشارع ، صارت تهدد كيان الأصول لكونها بيانا من الشارع ، ومؤمّنا للعقاب و ... وبذلك يظهر ورود الأمارة على أصالتي الطهارة والحلّية ، لأنّهما مغياة بعدم العلم ، والمراد منه هو الحجّة الشرعية، فالأمارة بما أنّها حجّة شرعية ، دالة على حصول الغاية في قوله عليهالسلام : «كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر» أو قوله عليهالسلام : «كلّ شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام».
٣. الحكومة : أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى الدليل الآخر ومفسرا له ، فيقدّم على الآخر بحكم انّ له تلك الخصوصية ويسمّى الناظر بالحاكم ، والمنظور إليه بالمحكوم ، ويتلخّص النظر في الأقسام التالية :