وهذا الحديث يحث على التأمّل والتدبّر في الأحاديث المروية ، حتى لا يتسرّع السامع باتّهامها بالتعارض بمجرد السماع ، دون التدبّر في أطرافها.
فتلخّص أنّ التنافي غير المستقر يرتفع بأحد الأمور الخمسة التي أشرنا إليها ، بقي الكلام في التنافي المستقر وهو الذي نبحث عنه في الفصل التالي.
التعارض المستقر
أو إعمال الترجيح والتخيير
إذا كان هناك بين الدليلين تناف وتدافع في المدلول على وجه لا يمكن الجمع بينهما جمعا عرفيا مقبولا عند أهل التقنين ، فيقع البحث في أمور :
لا شكّ أنّ الأخبار حجّة من باب الطريقية بمعنى أنّها الموصلة إلى الواقع في كثير من الأحيان ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر أنّ دليل حجية قول الثقة منحصرة في السيرة العقلائية عند المحقّقين ، وبما أنّ السيرة دليل لبّي يؤخذ بالقدر المتيقّن منه لعدم وجود لسان لفظي لها حتى يؤخذ بإطلاقه ، والقدر المتيقّن من السيرة في مورد حجّية قول الثقة هي صورة عدم التعارض ، فتكون القاعدة الأوّلية هي سقوط الخبرين المتعارضين عن الحجّية. لما مضى من أنّ الشكّ في الحجّية يساوق القطع بعدمها.