ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكما ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنّما استخف بحكم الله وعلينا ردّ ، والراد علينا ، راد على الله وهو على حدّ الشرك بالله».
قلت : فإن كان كلّ رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما ، واختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم ، فقال : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر». (١)
إنّ هذا القسم من الترجيح قد ورد في غير واحد من الروايات (٢) لكن الجميع راجع إلى ترجيح حكم أحد القاضيين على حكم القاضي الآخر ، ومن المحتمل جدا اختصاص الترجيح به لمورد الحكومة ، حتى يرتفع النزاع وتفصل الخصومة ، ولا دليل على التعدي منه إلى غيره ، وذلك لأنّه لمّا كان إيقاف الواقعة وعدم صدور الحكم ، غير خال من المفسدة ، أمر الإمام بإعمال المرجحات حتى يرتفع النزاع.
نعم ورد الترجيح بصفات الراوي في مورد تعارض الخبرين ، فيما رواه ابن أبي جمهور الاحسائي ، عن العلاّمة ، مرفوعا إلى زرارة ، لكن الرواية فاقدة للسند ، يرويها ابن أبي جمهور الاحسائي (المتوفّى حوالي سنة ٩٠٠ ه) ، عن العلاّمة (المتوفّى عام ٧٢٦ ه)، عن زرارة (المتوفّى عام ١٥٠ ه) ، ومثل هذا الحديث لا يصحّ الاحتجاج به أبدا ، ولأجل ذلك، لم نعتمد عليها. وعلى ذلك ليس هنا دليل صالح لوجوب الترجيح بصفات الراوي.
__________________
(١) الكافي : ١ / ٦٨ ، ط دار الكتب الإسلامية.
(٢) الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠ رواية داود بن الحصين و ٤٥ ، رواية موسى بن أكيل.