روى عمر بن حنظلة ، قال : قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ، ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : «ما خالف العامة ففيه الرشاد».
فقلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا ، قال : «ينظر إلى ما هم إليه أميل ـ حكّامهم وقضاتهم ـ فيترك ويؤخذ بالآخر». (١)
ويدلّ عليه أيضا ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله (البصري) قال : قال الصادقعليهالسلام : «فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه». (٢)
كلّ ذلك يكشف عن صدور الموافق تقيّة دون المخالف.
وجه الإفتاء بالتقية
إنّ أئمّة أهل البيت عليهمالسلام كانوا يفتون بالتقية خوفا من شرّ السلطان أوّلا ، وفقهاء السلطة ثانيا ، والمحافظة على نفوس شيعتهم ثالثا ، وكان العامل الثالث من أكثر الدواعي إلى الإفتاء بها ، وكفانا في ذلك ما جمعه المحدّث البحراني في هذا الصدد ، في مقدّمة حدائقه. (٣)
إنّ الرواة كانوا على علم بأنّ الإمام ربما يفتي في مكاتيبه بالتقيّة بشهادة ما
__________________
(١) مضى مصدر الرواية.
(٢) الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩ ؛ لاحظ الحديث ٢١ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٤ ، ٤٠ ، ٤٢ ، ٤٨ من ذلك الباب.
(٣) الحدائق : ١ / ٥ ـ ٨.