والمراد من وضع العبادات للصحيح هو أنّ ألفاظ العبادات وضعت لما تمّت أجزاؤها وكملت شروطها ، أو لأعمّ منه ومن الناقص.
المعروف هو القول الأوّل ، واستدلّ له بوجوه (١) مسطورة في الكتب الأصولية أوضحها : إنّ الصلاة ماهية اعتبارية جعلها الشارع لآثار خاصّة وردت في الكتاب والسنّة ، منها : كونها ناهية عن الفحشاء والمنكر ، أو معراج المؤمن ، وغيرهما ، وهذه الآثار إنّما تترتب على الصحيح لا على الأعمّ منه ، وهذا (أي ترتّب الأثر على الصحيح) ممّا يبعث الواضع إلى أن يضع الألفاظ لما يحصّل أغراضه ويؤمّن أهدافه ، وليس هو إلاّ الصحيح. لأنّ الوضع للأعمّ الذي لا يترتّب عليه الأثر ، أمر لغو.
استدلّ القائل بالأعم بوجوه أوضحها صحّة تقسيم الصلاة إلى الصحيحة والفاسدة.
وأجيب عنه بأنّ غاية ما يفيده هذا التقسيم هو استعمال الصلاة في كلّ من الصحيح والفاسد ، والاستعمال أعمّ من الحقيقة.
وأمّا المعاملات فهنا تصويران :
الأوّل : أنّ ألفاظ العقود ، كالبيع والنكاح ؛ والإيقاعات ، كالطلاق والعتق، موضوعة للأسباب التي تسبّب الملكية والزوجية والفراق والحرية ، ونعني بالسبب إنشاء العقد والإيقاع، كالإيجاب والقبول في العقود ، والإيجاب فقط كما في الإيقاع.
وعليه يأتي النزاع في أنّ ألفاظها هل هي موضوعة للصحيحة التامّة الأجزاء
__________________
(١) التبادر وصحّة الحمل وصحّة السلب عن الأعمّ وغيرها.