فدلالة الهيئة على إنشاء البعث لفظية بخلاف دلالة الأولى.
سؤال : انّ هيئة افعل وإن كانت تستعمل في البعث كقوله سبحانه : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (البقرة / ٤٣) أو قوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة /١) ولكن ربما تستعمل في غير البعث أيضا :كالتعجيز مثل قوله سبحانه : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (البقرة / ٢٣).
والتمنّي كقول الشاعر :
ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي |
|
بصبح وما الإصباح منك بأمثل |
إلى غير ذلك من المعاني المختلفة المغايرة للبعث. فيلزم أن تكون الهيئة مشتركة بين المعاني المختلفة من البعث والتعجيز والتمنّي.
الجواب : انّ هيئة افعل قد استعملت في جميع الموارد في البعث إلى المتعلّق والاختلاف إنّما هو في الدواعي ، فتارة يكون الداعي من وراء البعث هو إيجاد المتعلّق في الخارج ، وأخرى يكون الداعي هو التعجيز ، وثالثة التمني ، ورابعة هو الإنذار كقوله : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة / ١٠٥) إلى غير ذلك من الدواعي ، ففي جميع الموارد يكون المستعمل فيه واحدا وإنّما الاختلاف في الدواعي من وراء إنشائه.
ونظير ذلك ، الاستفهام فقد يكون الداعي هو طلب الفهم ، وأخرى أخذ الإقرار مثل قوله : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر / ٩).
والمستعمل فيه في الجميع واحد وهو إنشاء طلب الفهم.