مقدّمة العلم : هي ما يتوقّف العلم بتحقّق ذي المقدمة عليها ، كتوقّف العلم بالصلاة إلى القبلة ، على الصلاة إلى الجهات الأربع.
والنزاع في وجوب المقدّمة وعدمه إنّما هو في القسمين الأوّلين أي مقدّمة الوجود والصحّة ، وأمّا مقدّمة الوجوب فهي خارجة عن محطّ النزاع ، لأنّها لو لا المقدّمة لما وصف الواجب بالوجوب ، فكيف تجب المقدّمة بالوجوب الناشئ من قبل الواجب ، المشروط وجوبه بها؟
وأمّا المقدّمة العلمية فلا شكّ في خروجها عن محطّ النزاع ، فإنّها واجبة عقلا لا غير، ولو ورد في الشرع الأمر بالصلاة إلى الجهات الأربع ، فهو إرشاد إلى حكم العقل.
ملاك هذا التقسيم هو اختلاف كيفية تأثير كلّ في ذيها ، غير أنّ تأثير كلّ يغاير نحو تأثير الآخر ، وإليك تعاريفها.
السبب : ما يكون منه وجود المسبب وهذا ما يطلق عليه المقتضي ، كالدلوك فانّه سبب لوجوب الصلاة ، وشغل ذمة المكلّف بها لقوله سبحانه : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (الإسراء / ٧٨).
الشرط : ما يكون مصححا إمّا لفاعلية الفاعل ، أو لقابلية القابل ، وهذا كمجاورة النار للقطن ، أو كجفاف الحطب شرط احتراقه بالنار. ومثاله الشرعي كون الطهارة شرطا لصحّة الصلاة ، والاستطاعة المالية شرطا لوجوب الحج.
المعدّ : ما يقرّب العلّة إلى المعلول كارتقاء السلّم ، فإنّ الصعود إلى كلّ درجة ، معدّ للصعود إلى الدرجة الأخرى.