الأوّل : مفهوم الشرط
واعلم أنّ النزاع في وجود المفهوم في القضايا الشرطية إنّما هو فيما إذا عدّ القيد شيئا زائدا على الموضوع وتكون الجملة مشتملة على موضوع ، ومحمول ، وشرط ، فيقع النزاع حينئذ في دلالة القضية الشرطية على انتفاء المحمول عن الموضوع ، عند انتفاء الشرط وعدمها مثل قوله عليهالسلام : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» فهناك موضوع وهو الماء ، ومحمول وهو العاصمية (لم ينجسه) وشيء آخر باسم الشرط ، أعني : الكرية ، فعند انتفاء الشرط يبقى الموضوع (الماء) بحاله بخلاف القضايا التي يعد الشرط فيها محقّقا للموضوع من دون تفكيك بين الشرط والموضوع بل يكون ارتفاع الشرط ملازما لارتفاع الموضوع ، فهي خارجة عن محل النزاع ، كقوله : إن رزقت ولدا فاختنه ، فهذه القضايا فاقدة للمفهوم. فإنّ الرزق هنا ليس شيئا زائدا على نفس الولد.
إنّ دلالة الجملة الشرطية على المفهوم (أي انتفاء الجزاء لدى انتفاء الشرط) لا تتمّ إلاّ إذا ثبتت الأمور الثلاثة التالية :
١. وجود الملازمة بين الجزاء والشرط في القضية بأن لا يكون من قبيل التقارن الاتّفاقي بصورة جزئية ، كخروج زيد من المجلس مقارنا مع دخول عمرو فيه ، فإنّ التقارن من باب الاتفاق ، ولأجل ذلك يحصل الانفكاك بينهما كثيرا.
٢. أن يكون التلازم من باب الترتب أي ترتب التالي على المقدّم ، بأن يكون الشرط علة للجزاء ، فخرج ما إذا لم يكن هناك هذا النحو من الترتّب كما إذا قال : إن طال الليل قصر النهار ، أو إذا قصر النهار طال الليل ، فليس بينهما ترتب لكونهما معلولين لعلة ثالثة.
٣. أن يكون الترتب علّيا انحصاريا ، ومعنى الانحصار عدم وجود علّة