أخرى تقوم مقام الشرط.
فالقائل بالمفهوم لا محيص له إلاّ من إثبات هذه الأمور الثلاثة ، ويكفي للقائل بالعدم منع واحد منها.
ثمّ إنّ دلالة الجملة الشرطية على هذه الأمور الثلاثة بأحد الوجوه التالية :
١. الوضع : ادّعاء وضع الهيئة على ما يلازم هذه الأمور الثلاثة : الملازمة ، الترتب ، الانحصار.
٢. الانصراف (١) : ادّعاء انصراف الجملة الشرطية في ذهن المخاطب إلى هذه الأمور.
٣. الإطلاق : ادّعاء أنّ المتكلّم كان في مقام بيان العلل ولم يذكر إلاّ واحدا منها ، فيعلم انحصارها فتثبت الملازمة والترتب بوجه أولى.
أمّا إثباتها بالطريق الأوّل أي بالدلالة الوضعية ، فالحق دلالة الجملة الشرطية على الأمرين : الملازمة والترتب ، وذلك لأنّ المتبادر من هيئة الجملة الشرطية هو أنّ فرض وجود الشرط وتقدير حصوله ، يتلوه حصول الجزاء وتحقّقه وهذا مما لا يمكن إنكاره ، وهو نفس القول بالملازمة والترتب.
وأمّا إثبات الأمر الثالث ، وهو انّ العلّية بنحو الانحصار بالدلالة الوضعية ، فهو غير ثابت ، لأنّ تقسيم العلّة إلى المنحصرة وغير المنحصرة من المفاهيم الفلسفية البعيدة عن الأذهان العامة فمن البعيد ، أن ينتقل الواضع إلى التقسيم ، ثم يضع الهيئة الشرطية على قسم خاص منها وهي المنحصرة.
__________________
(١) إذا كان اللّفظ موضوعا لحقيقة ذات أنواع كالحيوان أو ذات أصناف كالماء فتبادر منه ـ عند الاستعمال ـ نوع أو صنف إلى الذهن دون الأنواع والأصناف الأخرى ، يقال : اللفظ منصرف إلى كذا ، مثلا إذا قيل : «لا تصل في ما لا يؤكل لحمه» يكون منصرفا إلى غير الإنسان.