وأمّا إثبات الانحصار بالانصراف فهو أيضا بعيد ، لأنّ الانصراف رهن أحد أمرين :
١. كثرة الاستعمال في العلة المنحصرة.
٢. كون العلة منحصرة أكمل من كونها غير منحصرة.
وكلا الأمرين منتفيان لكثرة الاستعمال في غير المنحصرة ، وكون العلّة المنحصرة ليست بأكمل في العليّة من غيرها.
وأمّا إثبات الانحصار بالإطلاق وهو كون المتكلّم في مقام البيان فهذا يتصوّر على وجهين :
تارة يكون في مقام بيان خصوصيات نفس السبب الوارد في الجملة الشرطية وما له من جزء وشرط ومانع من دون نظر إلى وجود سبب آخر ، وأخرى يكون في مقام بيان ما هو المؤثر في الجزاء ، فعلى الأوّل يكون مقتضى الإطلاق انّ ما جاء بعد حرف الشرط هو تمام الموضوع وليس له جزء أو شرط آخر ولا يتفرع عليه المفهوم ، بل أقصاه أنّ ما وقع بعد حرف الشرط تمام الموضوع للجزاء وأمّا أنّه لا يخلفه شيء آخر فلا يمكن دفعه لأنّه ليس في مقام البيان.
وعلى الثاني أي إذا كان بصدد بيان ما هو المؤثر في الجزاء على وجه الإطلاق ، فإذا ذكر سببا واحدا وسكت عن غيره ، فالسكوت يكون دالا على عدم وجود سبب آخر قائم مقامه.
والحاصل : أنّه لو أحرز كون المتكلّم في مقام تحديد الأسباب ومع ذلك اقتصر على ذكر سبب واحد يستكشف أنّه ليس للجزاء سبب إلاّ ما جاء في كلامه فيحكم على السبب بأنّه علة منحصرة ، وهذا بخلاف ما إذا لم يكن في مقام بيان الأسباب كلّها فإنّ مقتضى الإطلاق أنّ ما وقع تحت الشرط تمام الموضوع وليس له