أمّا الأوّل : أي التصرف في السببيّة التامة فبأن تكون الجملة الثانية قرينة على أنّ خفاء الأذان ليست سببا تاما للقصر ، وانّما السبب التام هو خفاء كلا الأمرين من الأذان والجدران ، فتكون النتيجة بعد التصرف هو إذا خفي الجدران والأذان معا فقصر.
وأمّا الثاني : وهو التصرّف في انحصارية الشرط فبأن يكون كل منهما سببا مستقلا لا سببا منحصرا ، فتكون النتيجة هي استقلال كل واحد في إيجاب القصر ، فكأنّه قال : إذا خفي الأذان أو الجدران فقصّر.
والفرق بين التصرفين واضح ، فإنّ مرجع التصرف في الأوّل إلى نفي السببية المستقلّة عن كل منهما وجعلهما سببا واحدا ، كما أنّ مرجعه في الثاني إلى سلب الانحصار بعد تسليم سببيّة كل منهما مستقلا.
فعلى الأوّل لا يقصر إلاّ إذا خفي كلاهما وعلى الثاني يقصر مع خفاء كل منهما.
وعلى كلا التقديرين يرتفع التعارض لزوال المفهوم بكل من التصرفين ، لأنّ المفهوم فرع كون الشرط سببا تاما ومنحصرا ، والمفروض أنّه إمّا غير تام ، أو غير منحصر.
إلاّ أنّه وقع الكلام في تقديم أحد التصرفين على الآخر ، والظاهر هو التصرف في ظهور كلّ من الشرطين في الانحصار فيكون كل منهما مستقلا في التأثير ، فإذا انفرد أحدهما كان له التأثير في ثبوت الحكم ، وإذا حصلا معا فإن كان حصولهما بالتعاقب كان التأثير للسابق وإن تقارنا كان الأثر لهما معا ويكونان كالسبب الواحد.
وانّما قلنا برجحان التصرف في الانحصار على التصرف في السببية التامة ، لأجل أنّ التصرف في الانحصار مما لا بدّ منه سواء تعلّق التصرف برفع الانحصار