أو تعلّق التصرف برفع السببية التامة ، فالانحصار قطعيّ الزوال ومتيقن الارتفاع ، وأمّا السببية التامة فمشكوك الارتفاع فلا ترفع اليد عنه إلاّ بدليل.
إذا تعدّد السبب واتحد الجزاء كما إذا قال : إذا بلت فتوضّأ وإذا نمت فتوضّأ ، فيقع الكلام في تداخل الأسباب أوّلا ، وتداخل المسببات ثانيا.
والمراد من تداخل الأسباب وعدمه هو أنّ السببين هل يقتضيان وجوبا واحدا فيتداخلان في التأثير ، أو يقتضيان وجوبين فلا يتداخلان.
والمراد من تداخل المسبّبات وعدمه هو أنّ الإتيان بالطبيعة مرّة هل يكفي في امتثال كلا الوجوبين أو لا بدّ من الإتيان بها مرّتين.
ولا يخفى انّ البحث في خصوص تداخل المسببات وعدمه مبني على ثبوت عدم التداخل في الأسباب كما أنّ البحث في التداخل مطلقا يجري إذا أمكن تكرار الجزاء كالوضوء وإلاّ فيسقط البحث كقتل زيد لكونه محاربا ومرتدا فطريا فإنّ القتل غير قابل للتكرار ، فلا معنى للبحث عن التداخل سببا أو مسببا.
إذا عرفت ذلك يقع الكلام في موضعين :
الأوّل : حكم الأسباب من حيث التداخل وعدمه ، والمتبادر عرفا من القضيتين : إذا بلت فتوضّأ وإذا نمت فتوضّأ هو عدم التداخل بمعنى انّ كلّ شرط علّة لحدوث الجزاء ، أعني : الوجوب مطلقا ، سواء وجد الآخر معه أم قبله أم بعده أم لم يوجد ، وليس لعدم تداخل الأسباب معنى إلاّ تعدد الوجوب.
الثاني : حكم المسببات من حيث التداخل وعدمه أي كفاية وضوء واحد
__________________
(١) يكفي في عقد هذا البحث القول بكون كل شرط سببا تاما ، لا سببا منحصرا ، فليس البحث مبنيا على اشتمال القضية الشرطية على المفهوم ، فلاحظ.