والذي نراه أن ما تأوّله سيبويه ومن تابعه من البصريين في مثل هذين الشاهدين من تقدير «التقديم والتأخير» أو تقدير أن المرفوع «مستأنف خبره محذوف يدل عليه الخبر المذكور» هو مما يرهق طالب النحو ، وأن منع المتكلم من صيغة كالمثال الوارد عند سيبويه ـ (إنك وزيد ذاهبان) ـ بحجة أنه غلط من بعض العرب ، يحدّ من حرية هذا المتكلم في التعبير ، لأن الاستعمال اللغوي يبيحها له ، ولأن من التعسّف القول بأن العربي «يغلط» ، خاصة وأن اللغة هي المرجع الأول والأخير لكل العلوم المتعلقة بها ، لا منطق المشتغلين فيها.
ولا ريب في أن ما ذهب إليه الأخفش يتوافق مع روح اللغة التي يبدو جليا أنها تتيح المجال رحبا أمام المتكلم أن يختار في الاسم المعطوف على الاسم المنصوب بعد (إنّ) قبل تمام الخبر بين النصب والرفع حسبما يمليه عليه ذوقه وإحساسه ، لا على أساس ما اختاره له النحاة.
* زعم النحاة أن الحال لا تجيء من المضاف إليه ، وذلك بالرغم من ورودها في الاستعمال ، كما في قوله : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) [الحجر / ٦٦] ، وقوله : (نَزَعْنا ما فِي