* من اعجب قياسات الكسائي والفراء قياسهما بناء (كان) للمفعول (١) ، اي للمجهول. فقد جرهما الى ذلك ان (كان) هذه «فعل» ، وانها ما دامت كذلك فإنه يجب ان ينطبق عليها ما ينطبق على كل فعل. ويبدو لنا انه غاب عن بال هذين النحويين الكبيرين أنه اذا كان لهذا «الفعل» بعض خصائص الافعال الاخرى ، كالتصرّف ، والاتصال بالضمائر ، فانه ليس من المحتمّ أن يكون له جميع خصائصه ، بما في ذلك البناء للمفعول. كما فاتهما أن (كان) تباين الافعال الأخرى في أنها لا تستعمل الا لتحويل مضمون الكلام بعدها من الآنية الى الماضوية ، او من الماضي القريب الى الماضي البعيد ، وأن المتكلم ما دام يريد بها الاخبار فهو ليس بحاجة الى بنائها للمفعول الذي من شأنه غياب محدث الحدث للجهل به ، او للتستّر عليه ، او لأنه أشهر من أن يذكر.
ونميل الى الاعتقاد بأن ما جر الكسائي والفراء الى ما ذهبا اليه هو المنطق النحوي التالي :
ما دام المنصوب (اي المفعول به) يحلّ محل المرفوع (اي
__________________
(١) همع الهوامع ١ / ١٦٤.