وعلى الرغم من تحفظاتنا على أسلوب النداء وضرورة إعادة النظر فيه (١) ، وإيماننا بأن المنادى في مثل «يا أيها الناس» هو كلمة «الناس» بالذات ، وبأن طبيعة اللغة شاءت بلوغه عن طريق «أيّها» (٢) ، إذ لا يعرف أنه ولي حرف النداء في الاستعمال منادى معرّف بالألف واللام من غير أن يؤتى بها ، إلّا في قولهم «يا الله» ، بوصل الهمزة وقطعها (٣) ، فأنه لا يمكننا موافقة الأخفش على موصولية «أيّ» لسببين :
الأول ـ أن الاسم الموصول مبهم بطبيعته ، لأنه لا يخصّ مسمى دون آخر. وأنت حين قلت «يا أيها الناس» توجّهت إلى جماعة بعينهم ـ في حال مخاطبتهم المباشرة ، كما في الاحتفالات والمواقف
__________________
(١) راجع في ذلك الفصل المتعلق بدراسة الجملة من كتابنا «المنطلقات التأسيسية والفنية إلى النحو العربي».
(٢) ليس من داع في رأينا لاعتبار «الهاء» للتنبيه ، لأن حرف النداء نفسه يتضمنه ، ولأنه لا يمكن أن يكون نداء بلا تنبيه.
(٣) جاء في هذا أنه جاز نداء هذا الاسم وفيه الالف واللام لأنهما لزمتاه ، إذ كانتا عوضا من همزة «إله» في الأصل ، فلما جاز ان تقول «يا إله» ، جاز ان تقول «يا الله». ابن الخشاب ، المرتجل ، ص ١٩٥.