(بمثلها) خبرا للمبتدأ ، وعدم تقدير خبر ـ مثل (واقع) أو (كائن) ـ كما ذهب إليه الجمهور. هذا إذا صح أن (جزاء سيئة بمثلها) جملة مستقلة جاءت اعتراضا ، كما يقول صاحب «إعراب القرآن» (١). ففي رأينا أن (جزاء) مبتدأ ، ولكنه مبتدأ مؤخر خبره (الذين) في أول الآية بتقدير (وللذين) التي جاءت معطوفة على (للذين) في رأس الآية السابقة ، ونصها : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ ، وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ ، أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ودليلنا على ذلك ما في جو الآيتين العام من مقابلة بين الإحسان والإساءة ، علما بأن تمام الآية الأخرى : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها ، وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ، ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ ، كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ ، أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ومما لا شك فيه أن المعربين وجدوا في الآية الأخيرة ما يصلح لأن يكون خبرا لمبتدأ من مثل : (ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) أو (كأنما أغشيت) أو (أولئك أصحاب) فاعتبروا (جزاء سيئة بمثلها) معترضا بين المبتدأ وخبره ، وذهبوا إلى أن (الذين كسبوا) مبتدأ ، بينما غالى بعضهم الآخر فذهب إلى أن (جزاء سيئة بمثلها)
__________________
(١) اعراب القرآن ، ٢ / ٦٤٣.