ويدل أيضا على أن الاستهزاء بأمر الدين من كبائر الذنوب وعظائمها لو لا ذلك لم يبلغ مأثمة النسبة إلى الجهل وذكر محمد بن مسعر أنه تقدم إلى عبيد الله بن الحسن العنبري القاضي قال وعلى جبة صوف وكان عبيد الله كثير المزح قال فقال له أصوف نعجة جبتك أم صوف كبش فقلت له لا تجهل أبقاك الله قال وإنى وجدت المزاح جهلا فتلوت عليه أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قال فأعرض واشتغل بكلام آخر وفيه دلالة على أن موسى عليه السلام لم يكن متعبدا بقتل من ظهر منه الكفر وإنما كان مأمورا بالنظر بالقول لأن قولهم لنبي الله أتتخذنا هزوا كفر وهو كقولهم لموسى (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) ويدل على أن كفرهم هذا لم يوجب فرقة بين نسائهم وبينهم لأنه لم يأمرهم بفراقهن ولا تقرير نكاح بينهم وبينهن وقوله تعالى (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) يدل على أن ما يسره العبد من خير وشر ودام ذلك منه إن الله سيظهره وهو كما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم (أن عبدا لو أطاع الله من وراء سبعين حجابا لأظهر الله له ذلك على ألسنة الناس وكذلك المعصية) وروى أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام قل لبنى إسرائيل يخفوا لي أعمالهم وعلى أن أظهرها وقوله تعالى (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) عام والمراد خاص لأن كلهم ما علموا بالقاتل بعينه ولذلك اختلفوا وجائز أن يكون قوله (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) عاما في سائر الناس لأنه كلام مستقل بنفسه وهو عاما فيهم وفي غيرهم وفي هذه القصة سوى ما ذكرنا حرمان ميراث المقتول روى أبو أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني أن رجلا من بنى إسرائيل كان له ذو قرابة وهو وارثه فقتله ليرثه ثم ذهب فألقاه على باب قوم آخرين وذكر قصة البقرة وذكر بعدها فلم يورث بعدها قاتل* وقد اختلف في ميراث القاتل وروى عن عمر وعلى وابن عباس وسعيد بن المسيب أنه لا ميراث له سواء كان القتل عمدا أو خطأ وأنه لا يرث من ديته ولا من سائر ماله وهو قول أبى حنيفة والثوري وأبى يوسف ومحمد وزفر إلا أن أصحابنا قالوا إن كان القاتل صبيا أو مجنونا ورث وقال عثمان البتى قاتل الخطأ يرث دون قاتل العمد وقال ابن شبرمة لا يرث قاتل الخطأ وقال ابن وهب عن مالك لا يرث القاتل عمدا من دية من قتل شيئا ولا من ماله وإن قتله خطأ ورث من ماله ولم يرث من ديته وروى مثله عن الحسن ومجاهد والزهري وهو قول الأوزاعى وقال المزني عن الشافعى إذا قتل الباغي العادل