والنهى عن المنكر صعد المنبر فقال إنى والله ما أنا بالخليفة المستضعف يعنى عثمان ولا بالخليفة المصانع يعنى معاوية وإنكم تأمروننا بأشياء تنسونها في أنفسكم والله لا يأمرنى أحد بعد مقامي هذا بتقوى الله إلا ضربت عنقه وكانوا يأخذون الأرزاق من بيوت أموالهم وقد كان المختار الكذاب يبعث إلى ابن عباس ومحمد بن الحنفية وابن عمر بأموال فيقبلونها وذكر محمد بن عجلان عن القعقاع قال كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر ارفع إلى حوائجك فكتب إليه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال (إن اليد العليا خير من اليد السفلى) وأحسب أن اليد العليا يد المعطى وأن اليد السفلى يد الآخذ وإنى لست سائلك شيئا ولا رادا عليك رزقا رزقنيه الله منك والسلام وقد كان الحسن وسعيد بن جبير والشعبي وسائر التابعين يأخذون أرزاقهم من أيدى هؤلاء الظلمة لا على أنهم كانوا يتولونهم ولا يرون إمامتهم وإنما كانوا يأخذونها على أنها حقوق لهم في أيدى قوم فجرة وكيف يكون ذلك على وجه موالاتهم وقد ضربوا وجه الحجاج بالسيف وخرج عليه من القراء أربعة آلاف رجل هم خيار التابعين وفقهاؤهم فقاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالأهواز ثم بالبصرة ثم بدير الجماجم من ناحية الفرات بقرب الكوفة وهم خالعون لعبد الملك بن مروان لاعنون لهم متبرئون منهم وكذلك كان سبيل من قبلهم مع معاوية حين تغلب على الأمر بعد قتل على عليه السلام وقد كان الحسن والحسين يأخذان العطاء وكذلك من كان في ذلك العصر من الصحابة وهم غير متولين له بل متبرئون منه على السبيل التي كان عليها على عليه السلام إلى أن توفاه الله تعالى إلى جنته ورضوانه فليس إذا في ولاية القضاء من قبلهم ولا أخذ العطاء منهم دلالة على توليتهم واعتقاد إمامتهم* وربما احتج بعض أغبياء الرفضة بقوله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) في رد إمامة أبى بكر رضى الله عنه وعمر رضى الله عنه لأنهما كانا ظالمين حين كانا مشركين في الجاهلية وهذا جهل مفرط لأن هذه السمة إنما تلحق من كان مقيما على الظلم فأما التائب منه فهذه السمة زائلة عنه فلا جائز أن يتعلق به حكم لأن الحكم إذا كان معلقا بصفة فزالت الصفة زال الحكم وصفة الظلم صفة ذم فإنما يلحقه ما دام مقيما عليه فإذا زال عنه زالت الصفة عنه كذلك يزول عنه الحكم الذي علق به من نفى نيل العهد في قوله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ألا ترى أن قوله تعالى (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) إنما هو نهى عن الركون إليهم ما أقاموا على الظلم