جميع الحرم كما قال الله تعالى (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) والمراد الحرم لا الكعبة نفسها لأنه لا يذبح في الكعبة ولا في المسجد وكقوله (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) قال ابن عباس وذلك أن الحرم كله مسجد وكقوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) والمراد والله أعلم منعهم من الحج وحضورهم مواضع النسك ألا ترى إلى قوله صلىاللهعليهوسلم حين بعث بالبراءة مع على رضى الله عنه وأن لا يحج بعد العام مشرك منبئا عن مراد الآية وقوله تعالى في آية أخرى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) وقال حاكيا عن إبراهيم عليه السلام (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) يدل ذلك على أن وصفه البيت بالأمن اقتضى جميع الحرم ولأن حرمة الحرم لما كانت متعلقة بالبيت جاز أن يعبر عنه باسم البيت لوقوع الأمن به وحظر القتال والقتل فيه وكذلك حرمة الأشهر الحرم متعلقة بالبيت فكان أمنهم فيها لأجل الحج وهو معقود بالبيت* وقوله (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) إنما هو حكم منه بذلك لا خبر وكذلك قوله تعالى (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) كل هذا من طريق الحكم لا على وجه الأخبار بأن من دخله لم يلحقه سوء لأنه لو كان خبرا لوجد مخبره على ما أخبر به لأن أخبار الله تعالى لا بد من وجودها على ما أخبر به وقد قال في موضع آخر (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) فأخبر بوقوع القتل فيه فدل أن الأمر المذكور إنما هو من قبل حكم الله تعالى بالأمن فيه وأن لا يقتل العائذ به واللاجئ إليه وكذلك كان حكم الحرم منذ عهد إبراهيم عليه السلام إلى يومنا هذا وقد كانت العرب في الجاهلية تعتقد ذلك الحرم وتستعظم القتل فيه على ما كان بقي في أيديهم من شريعة إبراهيم عليه السلام حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعى قال حدثنا يحيى عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال لما فتح الله على رسوله صلىاللهعليهوسلم مكة قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليه رسوله والمؤمنين وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفذ صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشدها فقال العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا فقال صلىاللهعليهوسلم إلا الإذخر حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبى