برأس المال وقد تضمن ذلك أمر الذي عليه الدين بقضائه وترك الامتناع من أدائه فإنه متى امتنع منه كان له ظالما ولاسم الظلم مستحقا وإذا كان كذلك استحق العقوبة وهي الحبس* والوجه الآخر من الدلالة عليه قوله تعالى في نسق التلاوة (لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) يعنى والله أعلم لا تظلمون بأخذ الزيادة ولا تظلمون بالنقصان من رأس المال فدل ذلك على أنه متى امتنع من أداء جميع رأس المال إليه كان ظالما له مستحقا للعقوبة* واتفق الجميع على أنه لا يستحق العقوبة بالضرب فوجب أن يكون حبسا لاتفاق الجميع* على أن ما عداه من العقوبات ساقط عنه في أحكام الدنيا* وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مثل ما دلت عليه الآية وهو ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد الله بن محمد النفيلى قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن وبر بن أبى دليلة عن محمد بن ميمون عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لي الواجد يحل عرضه وعقوبته قال ابن المبارك يحل عرضه يغلظ له وعقوبته يحبس وروى ابن عمر وجابر وأبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال مطل الغنى ظلم وإذا أحيل أحدكم على ملئ فليحتل فجعل مطل الغنى ظلما والظالم لا محالة مستحق العقوبة وهي الحبس لاتفاقهم على أنه لم يرد غيره وحدثنا محمد ابن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا معاذ بن أسد قال أخبرنا النضر بن شميل قال أخبرنا هرماس بن حبيب رجل من أهل البادية عن أبيه عن جده قال أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم بغريم لي فقال لي الزمه ثم قال يا أخا بنى تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك وهذا يدل على أن له حبس الغريم لأن الأسير يحبس فلما سماه أسيرا له دل على أن له حبسه وكذلك قوله لي الواجد يحل عرضه وعقوبته والمراد بالعقوبة هنا الحبس لأن أحدا لا يوجب غيره* واختلف الفقهاء في الحال التي توجب الحبس فقال أصحابنا إذا ثبت عليه شيء من الديون من أى وجه ثبت فإنه يحبس شهرين أو ثلاثة ثم يسئل عنه فإن كان موسرا تركه في الحبس أبدا حتى يقضيه وإن كان معسرا أخلى سبيله وذكر ابن رستم عن محمد عن أبى حنيفة أن المطلوب إذا قال إنى معسر وأقام البينة على ذلك أو قال فسل عنى فلا يسأل عنه أحدا وحبسه شهرين أو ثلاثة ثم يسأل عنه إلا أن يكون معروفا بالعسر فلا يحبسه وذكر الطحاوي عن أحمد بن أبى عمران قال كان متأخرو أصحابنا منهم محمد بن شجاع يقولون إن كل دين كان أصله من مال وقع في يدي المدين كأثمان البياعات والعروض ونحوها فإنه