والمندوب إليه إذا سألوا عنها كما أن عليهم بيان الفروض وقد كان على النبي صلّى الله عليه وسلّم بيان النوافل والمندوب إليه كما أن عليه بيان الفروض قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) وقال تعالى (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وفيما أنزل الله على نبيه أحكام النوافل فكان عليه بيانها لأمته كبيان الفروض وقد نقلت الأمة عن نبيها صلّى الله عليه وسلّم بيان المندوب إليه كما نقلت عنه بيان الفروض وإذا كان كذلك فعلى من علم علما من فرض أو نفل ثم سئل عنه أن يبينه لسائله وقال الله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار فعلى هذا الوجه يلزم من عرف الوثائق والشروط بيانها لسائلها على حسب ما يلزمه بيان سائر علوم الدين والشريعة وهذا فرض لازم للناس على الكفاية إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين فأما أن يلزمه أن يتولى الكتابة بيده فهذا ما لا أعلم أحدا يقوله اللهم إلا أن لا يوجد من يكتبه فغير ممتنع أن يقول قائل عليه كتبه ولو كان كتب الكتاب فرضا على الكاتب لما كان الاستيجار يجوز عليه لأن الاستيجار على فعل الفروض باطل لا يصح فلما لم يختلف الفقهاء في جواز أخذ الأجرة على كتب كتاب الوثيقة دل ذلك على أن كتبه ليس بفرض لا على الكفاية ولا على التعيين قوله تعالى (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ) نهى للكاتب أن يكتب على خلاف العدل الذي أمر الله به وهذا النهى على الوجوب إذا كان المراد به كتبه على خلاف ما توجبه أحكام الشرع كما تقول لا تصل النفل على غير طهارة ولا غير مستور العورة ليس ذلك أمرا بالصلاة النافلة ولا نهيا عن فعلها مطلقا وإنما هو نهى عن فعلها على غير شرائطها المشروطة لها وكذلك قوله تعالى (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ) هو نهى عن كتبه على خلاف الجائز منه إذ ليست الكتابة في الأصل واجبة عليه ألا ترى أن قول القائل لا تاب أن تصلى النافلة بطهارة وستر العورة ليس فيه إيجاب منه للنافلة فكذلك ما وصفنا وقوله تعالى (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) فيه إثبات إقرار الذي عليه الحق وإجازة ما أقر به وإلزامه إياه لأنه لولا جواز إقراره إذا أقر ولم يكن إملاء الذي عليه الحق بأولى من إملاء غيره من الناس فقد تضمن ذلك جواز إقرار كل مقر بحق عليه وقوله عز وجل (وَلْيَتَّقِ اللهَ