موجبا لبقاء اسم اليتيم عليه واسم اليتيم قد يقع على المنفرد عن أبيه وعلى المرأة المنفردة عن زوجها قال النبي صلّى الله عليه وسلّم تستأمر اليتيمة في نفسها وهي لا تستأمر إلا وهي بالغة وقال الشاعر :
إن القبور تنكح الأيامى |
|
النسوة الأرامل اليتامى |
إلا أنه معلوم أنه إذا صار شيخا أو كهلا لا يسمى يتيما وإن كان ضعيف العقل ناقص الرأى فلا بد من اعتبار قرب العهد بالصغر والمرأة الكبيرة المسنة تسمى يتيمة من جهة انفرادها عن زوج والرجل الكبير المسن لا يسمى يتيما من جهة انفراده عن أبيه وإنما كان كذلك لأن الأب يلي على الصغير ويدبر أمره ويحوطه فيكنفه فسمى الصغير يتما لانفراده عن أبيه الذي هذه حاله فما دام على حال الضعف ونقصان الرأى يسمى يتيما بعد البلوغ وأما المرأة فإنما سميت يتيمة لانفرادها عن الزوج الذي هي في حباله وكنفه فهي وإن كبرت فهذا الاسم لازم لها لأن وجود الزوج لها في هذه الحال بمنزلة الأب للصغير في أنه هو الذي يلي حفظها وحياطتها فإذا انفردت عمن هذه حاله معها سميت يتيمة كما سمى الصغير يتيما لانفراده عمن يدبر أمره ويكنفه ويحفظه ألا ترى إلى قوله تعالى (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) كما قال (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) فجعل الرجل قيما على امرأته كما جعل ولى اليتيم قيما عليه وقد روى على بن أبى طالب وجابر بن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لا يتم بعد حلم وهذا هو الحقيقة في اليتيم وبعد البلوغ يسمى يتيما مجازا لما وصفنا وما ذكرنا من دلالة اسم اليتيم على الضعيف على ما روى عن ابن عباس يدل على صحة قول أصحابنا فيمن أوصى ليتامى بنى فلان وهم لا يحصون أنها جائزة للفقراء من اليتامى لأن اسم اليتيم يدل على ذلك* ويدل عليه ما حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قال حدثنا الحسن بن أبى الربيع قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الحسن في قوله عز وجل (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) قال السفهاء ابنك السفيه وامرأتك السفيهة قال وقوله (قِياماً) قيام عيشك وقد ذكر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال اتقوا الله في الضعيفين اليتيم والمرأة فسمى اليتيم ضعيفا ولم يشرط في هذه الآية إيناس الرشد في دفع المال إليهم وظاهره يقتضى وجود دفعه إليهم بعد البلوغ أونس منه الرشد أو لم يؤنس إلا أنه قد شرطه في قوله تعالى (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ