كلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا السّفر الخطير كنز رائع نفيس من كنوز المعرفة ، يذكّرنا بأمّهات الكتب التي جادت بها العصور الذّهبيّة في الإنتاج الفكريّ الإسلامي.
ومؤلّفه من ذوي الكفاءات الجيّدة في حقل التعليم الجامعيّ.
وقد بذل جهدا كبيرا في قضيّة شغلت الباحثين ، وكثر فيها الضّجيج واشتهر فيها القيل والقال.
وهي «الاحتجاج في الحديث النبويّ على ترسيخ القواعد النّحويّة». فقد خبط فيها لفيف من العلماء خبط عشواء ، في ظلماء مدلهمّة ، فادّعوا أنّ القدامى من النّحويّين رفضوا الاستشهاد بالحديث الشريف في هذا الميدان ؛ لمخالفته القواعد النّحويّة من خلال الأمرين التّاليين :
(١) تجويز رواية الحديث بالمعنى.
(٢) تصحيح رواية العجميّ للحديث.
فانبرى مصنّفه للخوض في تجلية هذه المشكلة ، فدرسها دراسة طيّبة ، وبحث الظّاهرة من أصلها ، وجال جولة المتمكن ، فأورد الشّبه والآراء ، وناقشها بكلّ هدوء وأناة ، وردّ السّاقط منها ، وبيّن وجه الحقّ ، مدعوما بالأدلّة القاطعة ، والبراهين السّاطعة ، وأثبت أن «الحديث الشريف» وصل إلينا بمحكم لفظه ، وأنّ بعض الأحاديث قد روي بالمعنى للضّرورة ، مع التحرز البالغ من التّغيير المخلّ ؛ لأنّ شرط الرّاوي بالمعنى أن يكون من أهل الضّبط والإتقان والحفظ ، واللغة العربيّة.
أمّا رواية العجم فقد أجاز العلماء شرح الشّريعة للعجم بلسانهم للعارف به ، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى.