وقال «ابن مالك» : «إلّا» بمعنى : لكن ، وما بعدها مبتدأ ، خبره محذوف (١).
وخرّج على هذا أيضا قراءة «عبد الله بن مسعود» و «أبيّ» و «الأعمش» : «فشربوا منه إلا قليل منهم» (٢) بالرفع (٣). وقراءة «ابن كثير» و «أبي عمرو» : «ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك» (٤) بالرفع (٥).
أي : لكن امرأتك.
وغير ذلك من الأحاديث الجارية على ما شاع من الاستعمال العربي.
أما في المرحلة الثانية ، وبعد أن ظهرت الحاجة واضحة إلى موارد جديدة للاستدلال والاحتجاج ، فقد ذهب كثير من العلماء إلى الحديث يلتمس فيه ما يؤيد أقيسته ، ويعضد أحكامه ، في حين رفض بعضهم اعتبار الحديث مصدرا جديدا للاحتجاج به في المادة النحوية.
وتوسّط فريق ثالث ، فرأى أنّ من الممكن الاحتجاج ببعض الحديث دون بعض.
وهكذا نشأ الخلاف في الاحتجاج بالحديث النبوي.
ويمكن أن نقسّم هذه الاختلافات إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الأول :
ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى صحة الاحتجاج بالحديث النبوي في النحو العربي.
__________________
(١) وفي «مغنى اللبيب» ٥٥٨ : قال «الفراء» في «إلا قليل» : إن «قليل» مبتدأ ، حذف خبره ، أي : لم يشربوا.
وقال جماعة في «إلا امرأتك» بالرفع : إنه مبتدأ ، والجملة بعده خبر.
(٢) البقرة : ٢٤٩.
(٣) انظر القراءة في «البحر المحيط» ٢ : ٢٦٦.
(٤) هود : ٨١.
(٥) انظر القراءة في «حجة القراءات» ٣٤٧.