الضابط ، عن العرب الفصحاء عن أفصح العرب ، فكان أوثق من نقل أهل اللغة ، فإنهم يكتفون بالنقل عن واحد ، ولا يعرفون حاله» (١).
(٢) إنّ المحدثين الذين ذهبوا إلى جواز الرواية بالمعنى شرطوا في الراوي أن يكون محيطا بجميع دقائق اللغة ، ذاكرا جميع المحسنات الفائقة بأقسامها ، ليراعيها في نظم كلامه ، وإلا فلا يجوز له الرواية بالمعنى (٢) على أن المجوزين للرواية بالمعنى معترفون بأن الرواية باللفظ هي الأولى ، ولم يجيزوا النقل بالمعنى إلا فيما لم يدوّن في الكتب. وفي حالة الضرورة فقط (٣).
وقد ثبت أن كثيرا من الرواة في الصدر الأول كانت لهم كتب يرجعون إليها عند الرواية. ولا شك أن كتابة الحديث تساعد على روايته بلفظه وحفظه عن ظهر قلب مما يبعده عن أن يدخله غلط أو تصحيف.
(٣) إن كثيرا من الأحاديث دوّن في الصدر الأول قبل فساد اللغة على أيدي رجال يحتجّ بأقوالهم في العربية ، فالتبديل على فرض ثبوته إنما كان ممن يسوغ الاحتجاج بكلامه. فغايته تبديل لفظ يصح الاحتجاج به بلفظ كذلك (٤).
(٤) إن اللغويين احتجوا بالحديث في اللغة ؛ لأجل الاستدلال على معاني الكلمات العربية. وهو ما دفع «السهيليّ» إلى أن يقول : «لا نعلم أحدا من علماء العربية خالف في هذه المسألة إلا ما أبداه الشيخ أبو حيان في شرح التسهيل ، وأبو الحسن ابن الضائع في شرح الجمل ، وتابعهما على ذلك الجلال السيوطي» (٥).
__________________
(١) «المصباح المنير» (مادة : ثنى) ، وانظر «مجلة المجمع» ٣ : ٢٠١.
(٢) شرح الاقتراح لابن علان : ٩٤.
(٣) «مجلة المجمع» ٣ : ٢٠٤.
(٤) «خزانة الأدب» ١ : ٦ عن «الشاطبي».
(٥) سيأتي هذا القول لـ «ابن الطيب» ، وقد نسب في «أصول التفكير النحوي» ١٤١ لـ «السهيلي» ، وجاء في الذيل : انظر الاستشهاد بالحديث ، بحث منشور بمجلة المجمع اللغوي ٣ : ١٩٩ ، وقد أعيد نشره ضمن «دراسات في العربية وتاريخها» ١٦٨.